الأردن في مؤشرات الأداء المالي

د.رعـد محمـود التـل- في ورقة السياسات الصادرة عن منتدى الاستراتيجات الأردني قراءة مهمة لأداء الأردن المالي، فالورقة تشير إلى أن أداء المؤسسات المالية (البنوك والتأمين) وأسواق رأس المال (سوق الأوراق المالية) يلعب دورًا مهمًا في تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص اقتصادية والمساهمة في استقرار الاقتصاد، فالتطور المالي عامل مهم لزيادة معدلات النمو. تشير الورقة لرؤية التحديث الاقتصادي والتي تحدثت عن أهمية سوق رأس المال كقطاع إستراتيجي وأهمية تطوير آليات عملها لتعزيز الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي إلى مستويات أعلى، وقد قدمت الرؤية مقترحات بهدف تحسين الخدمات المالية وتطوير سوق رأس المال (بما في ذلك الأسهم والسندات) لجعلها أكثر سيولة وعمقًا. هذه المبادرة تهدف إلى تعزيز سوق رأس المال من خلال تعزيز سيولتها، وهي القدرة على شراء وبيع الأصول بسهولة وسرعة دون تأثير كبير على أسعارها. عندما يكون السوق سريع السيولة، يتمكن المستثمرون من التحرك بسرعة وبكفاءة والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة. بالإضافة إلى ذلك، تهدف المبادرة أيضًا إلى زيادة عمق السوق، والذي يعني وجود عدد كافٍ من المتداولين والمشاركين في السوق، بما في ذلك المستثمرين الكبار والصغار، والشركات والمؤسسات المالية، والمؤسسات الحكومية والمستثمرين الأجانب. ورقة المنتدى تشير أيضاً، الى مؤشر التطور المالي الصادر عن صندوق النقد الدولي والذي يعتمد معايير العمق، الوصول والكفاءة كمؤشرات قياس والتي يظهر الأردن بها تراجعاً خلال العشر سنوات الاخيرة، هذا التراجع يمكن ملاحظته بصورة أكبر على مؤشر قياس الاسواق المالية مقارنة بمؤشر قياس المؤسسات المالية. مؤشر الأسواق المالية هو سبب تدهور أداء الأردن في المؤشر الكلي للتطور المالي، فعند النظر إلى المحاور الثالثة في مؤشر الأسواق المالية والمتمثلة في محاور العمق، الوصول والكفاءة نجد أن أداء الأردن قد تراجع في المحاور الثالثة جميعها، وخاصًة في محوري العمق والكفاءة حسب منتدى الاستراتيجات. بناءً على البيانات المذكورة في ورقة السياسات الصادرة عن المنتدى، يتضح أن سوق رأس المال الأردني يعاني من درجة عالية من التركز، حيث تمثل الشركات العشر الأولى تقريباً 68 % من القيمة السوقية لجميع الشركات المدرجة في السوق. هذا يشير إلى أن هناك عددا قليلا من الشركات التي تحتكر حصة كبيرة من القيمة السوقية في السوق الأردني. بالإضافة إلى ذلك، هذه الشركات العشر الأولى تستحوذ على حوالي 56 % من حجم التداول الكلي في السوق. وهذا يعني أن النشاط التداولي يركز بشكل كبير على هذه الشركات الكبيرة، في حين يكون الحجم التداولي للشركات الأخرى أقل بشكل ملحوظ. كما أن تركز السوق العالي قد يشير إلى وجود تحديات فيما يتعلق بالتنافسية والشفافية في السوق، حيث قد تكون هناك صعوبة في دخول شركات جديدة إلى السوق واستحواذ الشركات الصغيرة على حصة من السوق. وعليه، تصل الورقة الي الاستنتاج أن سوق الأوراق المالية في الأردن ضعيف من حيث نسبة إجمالي القيمة السوقية للأسهم المكتتب بها إلى الناتج المحلي الإجمالي، وحجم التداول في الأسهم بآلية التداول الحالية. وتوصي الورقة بتوصيات مهمة في الاجل القصير والطويل أبرزها أهمية إنشاء سوق ثانوية لأذونات وسندات الخزينة. باختصار، تطوير سوق رأس المال وجعله أكثر سيولة وعمقًا يعتبر مبادرة مهمة في تعزيز الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي في البلد، ويمكن أن يكون له تأثير إيجابي على القطاعات الاقتصادية المختلف. المقال السابق للكاتب وزارة العمل.. أما حان الوقت؟اضافة اعلان