تراجع التعليم.. مسؤولية من؟

محمود خطاطبة- لا أحد يستطيع أن يُنكر بأن التعليم في الأردن، خصوصا في المرحلتين الأساسية والثانوية، يتراجع يوما بعد يوم، إذ ما يزال يُقدم معلومات تُركز على الحفظ والتلقين، بعيدًا عن عمليات التفكير والاستنتاج. وما يُدل على تراجع التعليم، هو أن تحصيل الطلبة أقل من المُستوى العالمي، إذ كشفت الامتحانات الدولية، التي تُبنى على التفكير والاستنتاج وليس على الحفظ والتلقين، عن تدني تحصيل الطلبة الأردنيين في مادتي العلوم والرياضيات. الاختبارات الدولية تؤشر إلى ضرورة الاهتمام أكثر بما يُدرس للطالب، بالإضافة إلى الاهتمام وبكل جدية بجميع الطلبة، على حد سواء، خاصة في ظل التفاوت في قدراتهم. هُنا قد يقول قائل، بأنه ليس من العدل مُقارنة الطلبة الأردنيين بنظرائهم في تلك الدول المُتقدمة على أكثر من صعيد.. الرد على هذا القول، يتمثل بالاكتفاء بإجراء مُقارنة ما بين الطلبة أنفسهم الذين يدرسون في مدارس حُكومية وأولئك الدارسين في مدارس خاصة، لاكتشاف الفرق بين هاتين الفئتين وفي كثير من النواحي. ميزانية وزارة التربية والتعليم للعام الحالي تُقدر بمليار و363 مليون دينار، لكن وللأسف ما يزال التدريس في المدارس الحُكومية كما هو منذ أعوام عديدة، لم يطرأ عليه الكثير من التغييرات، فهو لا يواكب التطور الذي يشهده العالم، خصوصًا في ظل عصر الإنترنت والتعليم “عن بُعد”. ميزانية “التربية”، تُعتبر مُرتفعة إذا ما قورنت بحجم الميزانية الكُلي للدولة الأردنية، والتي تبلغ نحو 11.4 مليار دينار، وما تزال هُناك صفوف في كثير من المدارس الحُكومية يزيد عدد طلابها على الـ40، علمًا بأنه يجب أن لا يتجاوز العدد الـ23 طالبا. ميزانية هذه الوزارة تُشكل ما نسبته نحو 12 بالمائة من ميزانية الدولة، وما تزال تُعاني من نقص في عدد المدارس، وكذلك الصفوف، فضلًا عن الكثير من أن مدارسها مُتهالكة، تحتاج إلى إعادة تأهيل أو ترميم.. أما فيما يتعلق بالمختبرات بأنواعها المُختلفة، فحدث ولا حرج!. تخيل عزيزي القارئ، إنه على الرغم من أن العالم دخل في العشرينية الثانية من القرن الحادي والعشرين، والعالم أصبح عبارة عن غرفة صغيرة، لا قرية فقط، جراء التطور الهائل في الاتصالات والإنترنت، إلا أنه ما تزال لدينا مدارس تعتمد نظام الفترتين (صباحية ومسائية). أما في حال كانت ميزانية “التربية” لا تتناسب وعدد الطلبة والمدارس، كما يؤكد خُبراء، فإن الحُكومة مُطالبة بزيادة موازنة هذه الوزارة، التي تُعتبر الأهم من بين كُل الوزارات، فمُستقبل الوطن وأبنائه بين يدي مسؤوليها والقائمين عليها. للعلم فقط، فإن عدد الطلبة الأردنيين يبلغ مليونين و240 ألف طالب وطالبة، منهم مليون و630 ألف يدرسون في المدارس الحُكومية، بينما يبلغ عدد المدارس 7315، منها 4005 مدارس حُكومية و3093 خاصة. وللمُتابع أن يتخيل كيفية وآلية التدريس في المدارس الحُكومية، إذ يوجد هُناك 95 ألف مُعلم ومُعلمة مسؤولون عن تدريس ما يقرب من المليون و630 ألف طالب وطالبة، في حين يوجد نحو 138 ألف مُعلم ومُعلمة في “الخاصة” يُدرسون حوالي 500 ألف فقط!. نقطة أخيرة، إذا كانت “التربية” تُشير بطريقة أو أخرى إلى نقص المُعلمين والمُعلمات، وما يتم تعيينه لا يكفي لسد النقص الحاصل، فلماذا إذا لجأت إلى إحالة الكثير من المُعلمين إلى التقاعد؟، ولماذا قامت بتخفيض الحصص العلمية؟، إلا إذا كانت تتجاوب مع صندوق النقد الدولي وقرارته!. المقال السابق للكاتب لسنا بخير!اضافة اعلان