جائزة "أبدع".. والدور الاستثنائي

فريهان سطعان الحسن حينما يطلق الصغار العنان لإبداعاتهم؛ يعني أنهم يكتبون جزءا من سيرتهم الذاتية المستقبلية التي تؤهلهم إلى أن يضعوا أقدامهم على أولى عتبات ما يصبون إلى بلوغه يوما، فكيف إذا توفرت لهم سبل معينة تعينهم على هذه الخطوة المهمة! ليلة استثنائية مليئة بالحب والأمل، عشناها مع أطفال مملوئين بالأمل والحياة، في حفل توزيع جائزة عبد الحميد شومان للإنتاج الإبداعي للأطفال واليافعين “أبدع”، السبت الماضي، ضمن كرنفال بهيج عرضوا خلاله إنتاجهم الإبداعي في مجالات أدبية وأدائية وفنية وعلمية. بشغف وثقة عالية بالنفس، تباهى الفائزون بما لديهم من مواهب حقيقية من مختلف الأصناف؛ في المقالة والشعر، والفنون الأدائية بأشكالها، سواء لموسيقا أو الرقص، بينما آخرون عرضوا رسوماتهم وخزفياتهم التي قدموها للمسابقة وفازوا على أساسها. أما الابتكارات العلمية، فقد أظهرت بوضوح أن طلبة المدارس يمتلكون الرؤية الواضحة للإبداع والابتكار إن نحن ساعدناهم لإظهار قدراتهم. الجائزة، ومنذ انطلاقها، سعت نحو تحفيز الإبداع من خلال المنافسة الإيجابية بين الأطفال واليافعين، لاكتشاف مواهبهم وتوظيف مهاراتهم لإطلاق العنان لأفكارهم، وبالتالي، من أجل المساهمة في صقل الجيل الجديد، ومده بالمعرفة الضرورية والمهارات اللازمة للمستقبل. تلك الجائزة، هي استثمار ناجح بالمبدعين الصغار، وتؤسس لهم طريق اكتساب المهارات اللازمة لمواهبهم عن طريق ورش عمل متخصصة تساعد في بناء القدرات للمتأهلين، وبما يعزز من إمكانياتهم ليكونوا مؤهلين لما هو قادم، كل حسب المهارة التي يمتلكها ويتقنها. تلك الورش يتدرب فيها المتأهلون يد نخبة من المختصين في حقول الشعر والأدب والعلوم والفنون الأدائية والتشكيلية، ليتمكنوا من تطوير أدائهم وتحسينه وتقديمه للجمهور بأفضل ما يمكن. ولعل أهمية الجائزة تكمن في أنها حراك ثقافي إبداعي تستهدف الطلبة بمختلف مدارس المملكة، في فرصة لإخراج الطاقات واستنطاق المواهب، والتحفيز نحو المشاركة والفوز باستحقاق. كما أن مجالات الجائزة متعددة، وقادرة على استقطاب أكبر شريحة من الطلبة، ما يعزز من استهداف اكتشاف المواهب المختلفة. في عرض الاحتفال، تابعنا كيف أن الفائزين تحرروا من المخاوف، وأدوا فقراتهم بثبات ووثوق، وربما كان ذلك من نتاج الورشات التدريبية التي خضعوا لها، والتي منحتهم الثقة، وفجرت طاقاتهم الكامنة، وجعلتهم يتعلمون من أخطائهم. جائزة “أبدع” تؤكد على مسألة غاية في الأهمية، وهي أن الفوز ليس أهم ما في الاشتراك فيها، بقدر أهمية التدريبات والورش التي تضع الأطفال على بداية الطريق، والتقدم خطوة بخطوة وصولا للنجاح. كذلك، أن يتسلح الأطفال بالمعرفة اللازمة التي تعبد لهم طريق المستقبل. لدينا الإمكانيات، لكننا بحاجة للتركيز على التفكير الناقد، وهو ما تفعله مؤسسة عبد الحميد شومان في جائزة “أبدع”، حيث تتبنى المواهب مهما كانت صغيرة، لأنها تؤمن أن ذلك بداية طريق الشغف لتشكيل مسيرة المستقبل والتغيير نحو الأفضل. في الدورة الأخيرة لجائزة عبد الحميد شومان للإنتاج الإبداعي للأطفال واليافعين “أبدع” كنت محظوظة باختياري عضوة في لجنة التحكيم في حقل المقالة. وللحقيقة، ورغم أنني أكتب المقالة منذ سنوات طويلة، إلا أنني وللمرة الأولى، أتعرف على كيفية نظر الأطفال واليافعين إلى الأمور التي تخصهم، فقد قمت بتقييم عشرات المقالات، وأدهشتني مساحة الإبداع الكبيرة، والحساسية الإنسانية العالية التي يتعاطى بها المشتركون مع القضايا المختلفة، وتلمس غياب العدالة في الحياة، والتوق لتحقيقها. أحسب أن هذه التجربة جديدة علي، وأنني تعلمت منها بقدر ما أعطيتها. فشكرا لجميع الأطفال واليافعين الذين قرأت نتاجاتهم، ومنحوني هذه المعرفة. المقال السابق للكاتبة للمزيد من مقالات الكاتبة انقر هنااضافة اعلان