رؤية التحديث.. مرحلة جديدة من معالجة تحديات الاقتصاد

رهام زيدان- تؤسس رؤية التحديث الاقتصادي لمرحلة جديدة بطريق معالجة تحديات الاقتصاد الوطني وهي الأولى من نوعها في تاريخ الدولة كونها عابرة للحكومات ومرتكزا تستند إليه على مدى عقد قادم. الرؤية التي أطلقت في حزيران (يونيو) الماضي، بعد اجتماعات الخبراء والمتخصصين في مختلف القطاعات في الديوان الملكي الهاشمي على مدار عدة أسابيع بدأت في شباط (فبراير) وحددت مسيرة الاقتصاد الوطني خلال 10 سنوات مقبلة وتستهدف إطلاق الإمكانات لبناء المستقبل ومواجهة تحديات الاقتصاد الوطني، حيث تهدف إلى استيعاب أكثر من مليون شاب وشابة في سوق العمل، وزيادة فرص العمل من 1.6 مليون فرصة إلى 2.6 مليون فرصة خلال هذه الفترة. وتشمل الرؤية 366 مبادرة في القطاعات المختلفة، تندرج تحت 8 محركات للنمو الاقتصادي بهدف استيعاب تحدي توفير مليون فرصة عمل جديدة للأردنيين خلال العقد المقبل، من خلال تحديد محركات التشغيل والنمو الاقتصادي. وكان جلالة الملك عبدالله الثاني قال في رسالته للأردنيين بمناسبة عيد ميلاده الستين في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي “نريده مستقبلا مشرقا نعزز فيه أمننا واستقرارنا، ونمضي خلاله في مسيرة البناء إلى آفاق أوسع من التميز والإنجاز والإبداع”. واعتبر خبراء هذه الرؤية الحدث الاقتصادي الأهم خلال العقد الماضي كاملا، وليس للعام الماضي فقط. وأشار الخبراء إلى أن الرؤية جاءت في الوقت المناسب، وأن احتضان الديوان الملكي لاجتماعات الخبراء لوضع الرؤية خير دليل على أهمية المخرجات. وقالت عضو لجنة الطاقة في رؤية التحديث الاقتصادي رانيا الهنداوي إن جلالة الملك عبدالله الثاني جمع لاعداد هذه الرؤية نخبة الخبراء الاقتصاديين من مختلف القطاعات للخروج بهذه الرؤية التي تضع الأردن على طريق مختلف من جهود التطور الاقتصادي الذي يهدف إلى تحسين حياة الأردنيين. وأضافت في حديثها لـ”الغد” أن المهم في هذه المرحلة هو جدية الحكومة في تنفيذ مخرجات الرؤية وتحقيق أهدافها وأن يكون البرنامج التنفيذي الذي وضعته الحكومة متماشيا مع هذه الأهداف والمخرجات وأن يكون قابلا للتنفيذ. وقالت إن الأردن وفي ظل الظروف الاقتصادية التي تسيطر عليه من ارتفاع في نسب التضخم والبطالة هو أحوج ما يكون لتنفيذ هذه الرؤية خصوصا وأن الاقتصاد الوطنية يجتهد للخروج من تبعات جائحة كورونا والتي ما كادت أن تنتهي حتى دخل العالم في خضم آثار الحرب الروسية الأوكرانية، وقد كان الاقتصاد الأردني بالأساس قبل ذلك كله يعاني من ضغوط كبيرة. وبينت الهنداوي أن الآمال معلقة الآن على جدية التنفيذ من قبل الحكومة لأن هذه الرؤية تتضمن مبادرات ومشاريع إذا ما تم تطبيقها بإمكانها توفير فرص الاستثمار والعمل المطلوبة. وقال عضو غرفة صناعة عمان وعضو في لجان الرؤية م. موسى الساكت إن هذه الرؤية يمكن اعتبارها ليس الحدث الاقتصادي الأهم خلال العام الماضي فحسب وإنما خلال العقد الماضي كاملا. وأوضح إنه ولأول مرة في تاريخ الدولة الأردنية يتم وضع وجهة ورؤية اقتصادية ثابتة عابرة للحكومات، إذ كان في السابق يتم اعتماد خطط وأجندات مؤقتة. وبين الساكت أن الأهداف محددة الآن وأن كل حكومة قادمة عليها الاجتهاد في البرامج التنفيذية وليس في التخطيط وهذا مرهون بحرفية ومهنية واختصاص الوزراء في هذه الحكومات، مشيرا إلى أن هذه الرؤية ينبثق عنها مجموعة من البرامج التنفيذية وقد أعلنت الحكومة أولها قبل أسابيع. وترتكز الرؤية المنبثقة عن مخرجات ورشة العمل الاقتصادية الوطنية التي عقدت في الديوان الملكي الهاشمي؛ على النمو المتسارع والارتقاء بجودة الحياة في إطار نهج مستدام، وعبر ثمانية محركات لنمو الاقتصاد، تغطي 35 مـن القطاعات الرئيسـة والفرعية، وتتضمـن أكثر من 366 مبـادرة، و10معايير لقياس الأداء، و4 جهات مسؤولة عن التنفيذ ضمن إطار زمني متسلسل ومرحلي، وبتكلفة 41 مليار دينار. من جهته، قال عضو مجلس النواب د. خير أبو صعيليك إن الفضل في اطلاق هذه الرؤية يسجل لجلالة الملك عبدالله الثاني الذي وضع يده على جرح الإقتصاد الوطني بعد أن كانت كل حكومة تأتي وتخرج ببرنامج أو خطة ترحل برحيلها. هذا الأمر استدعى الحاجة إلى صياغة رؤية عابرة للحكومات بحيث خرجت لتكون رؤية دولة وليس لحكومة. وأكد أبو صعيليك على ان هذا هو ما يحتاجه الأردن حاليا، وأن اهتمام الملك على جمع هذا العدد من الخبراء واحتضان الديوان الملكي لاجتماعاتهم هو خير دليل على أهمية هذه الرؤية ومخرجاتها. كما جدد أبو صعيليك التأكيد على التزام مجلس النواب بممارسة دوره الرقابي على تنفيذ هذه الرؤية وبرامجها التنفيذية المنبثقة عنها وأن هذه البرامج تتماشى مع ما جاء في الرؤية، مؤكدا أيضا على أهمية مشاركة جهات أخرى مثل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني بالرقابة على التنفيذ. من جانبها قالت الخبيرة في قطاع النقل والمشاركة في إعداد رؤية التحديث الاقتصادي الدكتورة رنا الإمام، إن الرؤية المنفذة بتوجيهات ملكية تؤسس لاقتصاد مزهر وجديد في الأردن وستطلق القدرة على بناء مستقبل وسط التحدي الأكبر بزيادة فرص العمل 1.6 مليون فرصة إلى 2.6 مليون فرصة خلال العقد المقبل، وزيادة الدخل الحقيقي للفرد بنسبة 3% سنوياً في المتوسط. وأضافت الإمام أن التركيز كان في المقام الأول على تحديد هذه القطاعات التي ستساعد في النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى القطاعات التي توفر معظم فرص العمل وأن أهم ما يميزها هو ارتباطها لأول مرة بمستويات التوظيف والفرص التي توفرها القطاعات الاقتصادية ذات الميزة الاقتصادية في الاقتصاد الأردني. وأشارت الإمام إلى أن هذه الرؤية تمثل الرؤية الاقتصادية للدولة الأردنية حيث شاركت الحكومة بجزء منها وكان للقطاع الخاص دوراً أساسياً وحيوياً في تشكيل هذه الرؤية من خلال الإشارة إلى التحديات والمشاكل لكل قطاع وتقديم الحلول المقترحة ومناقشتها. وبينت أن ركيزة النمو الاقتصادي أقيمت على ثماني مبادئ توجيهية تتضمن التركيز والتنافسية والمواءمة والاستثمارات والصادرات والترابط والابتكار والشمولية لإطلاق كامل الإمكانات للاقتصاد الأردني، وأن الواقعية في الطرح من حيث معدل النمو الاقتصادي لكل قطاع أو مصادر التمويل للمشاريع والمبادرات أهم ما يميز هذه الرؤية التي تنفذ ملكية ستنعكس في كتب التكليف السامية عند تشكيل الحكومات اللاحقة وقابلة للتعديل كل 3 سنوات وليس للإلغاء أو التبديل. وفي خصوص البرنامج التنفيذي قالت الإمام إنه وثيقة حية ومرنة متكاملة مع خارطة الطريق لتحديث القطاع العام، تم تطويرها باتباع نهج تشاركي من قبل أربع لجان وزارية و 22 فريق عمل وبالتشاور مع القطاع الخاص وستنفّذ الرؤية على ثلاث مراحل: الأولى في الفترة ما بين الأعوام 2023 و2025، وستركز على إجراء تحسينات على السياسات الاقتصادية والاجتماعية، والاستفادة من الموارد والمهارات الحالية وتعزيزها، والدخول إلى أسواق جديدة، والثانية 2026-2029، وستركز على الموارد والمنتجات والمهارات الجديدة، فيما الثالثة 2030-2033، وستركز على ملء أي فجوات استراتيجية، والاستعداد لمرحلة النمو المستقبلية المتوقعة. كما أطلقت الحكومة الشهر الماضي والذي تضمن البرنامج 183 مبادرة، تمَّ اختيارها من ضمن ما يقارب 380 مبادرة سيتمُّ تنفيذها من خلال 418 أولويَّة، بكلفة إجمالية تصل إلى 2.3 مليار دينار حتى نهاية 2025، منها 670 مليون دينار خلال 2023. ويتضمن البرنامج مراجعة وتعديل وإقرار 46 تشريعا، وخطط عمل لتحسين ترتيب الأردن في المؤشرات والتقارير الدولية، وأولويات مرتبطة بتمكين المرأة اقتصاديا. اقرأ أيضا: السياسة الخارجية.. الحكمة ركيزة العلاقات مع المحيطين العربي والدولي اللجوء السوري.. عقبة التمويل تستدعي تغيير الخطاب مع المجتمع الدولي مؤسسة ولي العهد.. شباب قادر لأردن طموح العناية الملكية بالشباب.. دعوات هاشمية نحو التميز والإبداع الملك يوجه التعليم لتجويد مخرجاته التوجيهات الملكية تؤسس لمرحلة جديدة في مسيرة المئوية الثانية التعليم.. أولوية للنهوض بالأردن والتنمية الشاملة التعليم العالي.. لا تنمية مستدامة دون تطوير مستمر استحداث فرص عمل ومحاربة البطالة.. توجيهات ملكية دائمة الملك يدق ناقوس خطر تبعات التغير المناخي محليا وعالميا الاهتمام الملكي بالمياه يترجم إلى تغييرات ملموسة الخدمة المدنية.. تجويد الخدمات استجابة للإصلاح الإداري اقتصاديون: تحسين معيشة المواطنين بقمة أولويات الملك زراعيون: الملك يوجه البوصلة نحو حلول الأمن الغذائي
اضافة اعلان