ولي العهد.. حضور إقليمي وعالمي بفكر يلهم الشباب

ولي العهد يلقي كلمة الأردن في قمة الجزائر العام الماضي - (أرشيفية)
ولي العهد يلقي كلمة الأردن في قمة الجزائر العام الماضي - (أرشيفية)
عمان- أصدق الكلمات التي يطلقها صنّاع القرار، تلك التي تتوافق فيها الأقوال مع الأفعال، وهذا ما تتجلى به كلمات وأقوال سمو ولي العهد الامير الحسين بن عبدالله، لما تحمله كلماته من مضامين فكرية عميقة، تستشرف المستقبل، وترى الحاضر بعين ثاقبة، تذهب إلى صياغة مستقبل طموح للأردن وشبابه، وإرساء مفهوم الوسطية في الفكر والسلوك من أجل أردن مزدهر ومتقدم.اضافة اعلان
فكلمات سموه، وخطاباته ليست مجرد أقوال تقال في مناسبات وطنية متنوعة، بل ترسي منهجا للنهضة والبناء والتطوير، وتعكس نظرة ولي العهد المستقبلية، وتكشف عن إصرار وعزيمة سموه في انتهاج فكر يتجاوز النمطية والتقليدية، ويبعث في نفوس المواطنين التفاؤل والأمل لمستقبل مشرق لبلادنا.
وبمناسبة زواج سموه، نستعيد قبسا من مضامين رؤى الحسين في خطاباته ومواقفه وأقواله، المحملة بالدلالات العميقة، والتي تستمد من الماضي التجربة، ومن الحاضر العزيمة، ومن المستقبل الإشراق، لتربط الحاضر بالماضي، وتستدعي ذكرى شخصيتين عظيمتين في تاريخ الدولة الأردنية، هما مطلق رصاصة الثورة العربية الكبرى الشريف الحسين بن علي، والمغفور له بإذن الله تعالى الحسين بن طلال، اللذان كرسا حياتيهما لتوحيد الأمة العربية وإعلاء شأنها.
انحاز الأمير الشاب وسرّ أبيه الملك، إلى جيله من الشباب، مذكرا بأهمية التربية في سن الطفولة، ومطلقا عدة مبادرات، هدفت للوصول الى الفئات المستفيدة منها في المحافظات، علما بأن الفعل سبق القول في تحقيق إنجازات ملموسة لتلك المبادرات.
وتعد زيارة سمو ولي العهد أثناء مرافقته لجلالة الملك عبدالله الثاني إلى الولايات المتحدة عام 2021، من أهم الزيارات التي استقبلتها واشنطن، فلأول مرة، يخرق ساكن البيت الأبيض الرئيس جو بايدن البروتوكول، مصرا على حضور سمو الأمير الحسين اجتماعه المطوّل مع جلالة الملك عبدالله الثاني.
وقد كانت علامات الودّ والثقة بشخصية سمو الأمير، بادية على كلمات الرئيس بايدن وتعبيراته، تجاه أمير شاب، أثبت على أرض الواقع قدرة وحنكة سياسيتين في خوض معترك السياسة والقيادة.
المتابع للشأن الأردني، يرى بوضوح أن جلالته قد رأى في الأمير الشاب النضوج الذي يؤهله للقيام بدور رئيس في السياسة والعلاقات الدولية المعقدة، والولوج إلى سياسات عربية وإقليمية ودولية.
وفي شهر أيلول من العام الماضي، ألقى سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، في نيويورك، كلمة الأردن في اجتماعات الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني.
وخلال كلمته، تساءل سموه: ماذا يعني لإنسانيتنا المشتركة أن العالم أنفق ما يقارب 7ر1 تريليون دولار على الأسلحة في العام الماضي فقط، ولكنه فشل في توفير أقل من 7ر1 مليار دولار استجابة لنداء الأمم المتحدة الإغاثي لدعم اللاجئين السوريين والمجتمعات المستضيفة لهم في دول مثل الأردن؟.
واستجابة لدعوة سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، إلى إشراك الشباب وتعزيز مساهماتهم في صناعة السلام المستدام، تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، خلال جلسة عقدها في شهر كانون الأول الماضي، قرارا تقدم به الأردن حول الشباب والسلام والأمن.
ولم يتوقف الأمر عند هذا البعد، فترؤس سمو ولي العهد الحسين لجانب من جلسات مجلس الوزراء، تقدم صورة حيوية للقائد الشاب، وهو يحمل مهام قيادية.
في أول خطاب لسمو ولي العهد الأمير الحسين، مندوبًا عن جلالة الملك عبد الله أمام القمة العربية في دورتها الـ31 التي عقدت في الجزائر العام الماضي، كان من الطبيعي أن يحظى حضور سموه باهتمام وتقدير بالغين، فقد تجلت في خطابه الرؤية الهاشمية الأصيلة التي تنم عن فهم عميق لقضايا الأمة والعالم، ولمس لأبعادها وتعقيداتها، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
لقد حظي خطاب سموه أمام الزعماء العرب في قمة الجزائر، باهتمام الحاضرين من الملوك والرؤساء والأمراء العرب، ليغدو موضع تحليل للمراقبين السياسيين والمتابعين، وبإجماعهم كان خطابا جامعا شاملا، يتسم برؤية وطنية قومية عالمية، ينطلق فيها من البعد القومي العربي، ويستمد رؤيته الشاملة من تاريخ عريق، حققه الهاشميون بحكمتهم، ومما حملته الثورة العربية الكبرى من مفاهيم وأفكار، تجلت في السعي لتحقيق الوحدة العربية والولاية الهاشمية وتعزيز عروبة فلسطين والقدس ولمّ الشمل العربي.
ينطوي احتفال الأردنيين بزواج سمو ولي العهد، على رمزية تاريخية وعاطفية بالغة الدلالة، فهو تعبير عما يطبع تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية من ديمومة واستمرارية، حافظ ملوكها خلالها، على القيم والمبادئ التي تأسست المملكة من أجلها، ألا وهي الدفاع عن وحدة الوطن واستقلاله وصيانة مقدساته، المجسدة في شعار المملكة "الله.. الوطن.. الملك"، لذلك، فإن الاحتفال بهذه المناسبة، يجسد أروع صورة، لتمسك أبناء الوطن على اختلاف مكوناتهم، بمبدأ الوفاء للعرش الهاشمي، والحرص على استمراريته، والتأكيد على رمزية وقدسية مؤسسة ولاية العهد، لما تحمله من أهمية جليلة داخل أركان الدولة ونظام الحكم.
وينوّه سموه دوما، إلى ضرورة إحداث تغيير جذري في منهجية العمل، والجدية والمهنية في التطبيق والمتابعة، والاستفادة من الخطط الجادة والنوعية التي يمتلكها الأردن.
وخلال مشاركته في جلسة ضمن فعاليات منتدى تواصل "حوار حول الواقع والتطلعات"، الذي عقد أواخر نيسان (إبريل) الماضي، دعا الشباب ليكونوا جريئين لمستقبلهم، مؤكدا أن انتظار الفرصة يعني إضاعتها.
المتتبع لمسيرة سمو ولي العهد، يرى عهدا زاهرا وقيادة واعية، يقود أساسها الراسخ ملك استثنائي، ويؤسس مشروع نهضتها الحديثة، ولي عهد طموحه يصل عنان السماء، فما نلمسه من جهود عن تطور مراحل رحلة التطوير ومسيرة التغيير، وما نشاهده من حراك محوري في المشهد المحلي والعالمي، يعكس نجاح ما يعيشه الوطن من مرحلة غربلة إستراتيجية متعددة المسارات ومتنوعة المحاور، ويؤكد العزم والمضي بخطى ثابتة وراسخة وقيادة متمكنة وواعية، وصولا إلى الريادة المنشودة بتحقيق مستهدفات رؤية الوطن الواعدة.
الجرأة في القرار لدى سمو ولي العهد، والإصرار على تجاوز التحديات، للوصول إلى المنجز، والتيقن العميق لأساسيات تطور الأمم والأوطان، كانت هي دائما كلمة السر في قصص الإصلاحات والنجاحات المتسارعة التي رسمت من خلالها المملكة، تاريخا عظيما من التحولات الإيجابية في كل مسارات تقدمها الاستثنائية.
يؤمن ولي العهد، بأن الطموح ليس ما تفعل، ولكن ما تريد أن تفعله، ويترجم ذلك برؤية مستقبلية طموحة، وإحداث إصلاحات جذرية في هيكلة القطاعات كافة، وصولا إلى جعل المملكة قوة استثمارية على مستوى المنطقة والإقليم.
لا تعترف طموحات سمو ولي العهد، بدوران الفصول أو مقاييس الممكن والمتاح، رافعا شعار "انتظار الفرصة يعني إضاعتها"، موجها الدعوة للجميع للعمل بهمة وعزيمة وإصرار وتحد من أجل مستقبل المملكة، والسعي لتوظيف أهم مصادر القوة في المجتمع الأردني، وهو الشباب.
يعتمد سمو ولي العهد، في كل لقاءاته وحواراته على العنصر الأبرز والأقوى دائما الذي يعوّل عليه في نجاح رؤيته المستقبلية في المملكة، ألا وهو المواطن.
ويقرن ذلك دائما بالطموح المرتفع لدى أبناء وطنه، ويعتبرهم القوة الحقيقية لتحقيق رؤية الوطن التي لن تتحقق على أرض الواقع، إلا بالشباب.
والتزاما من سمو ولي العهد، ببناء مستقبل مشرق لشباب الأردن؛ يستند على إلهامهم وتوجيههم للمشاركة بخدمة وتطوير مجتمعاتهم، جرى تأسيس مؤسسة ولي العهد بقانون خاص عام 2015، وانبثقت مبادراتها في المحافظات، لتجسّد على أرض الواقع إيمان سموّه بأن الشباب، يمتلكون المقدرة على تحقيق أعظم الإنجازات إذا تسلحوا بالمهارات والوسائل اللازمة، لتأدية دورهم في العملية التنمويّة كمواطنين فاعلين.
وقد تأسست مؤسسة ولي العهد، للإشراف على تنفيذ مبادرات سموه، ورؤيتها هي شباب قادر لأردن طموح، تعمل وفق محاور عمل محددة، هي: الجاهزية للعمل والريادة، القيادة، والمواطنة، كما تعمل ضمن مجموعة من القيم هي الشمولية، الابتكار، الأخلاقيات، والإيجابية.
وتسعى المؤسسة لتحقيق العديد من الأهداف الإستراتيجية، مثل تقوية وتمكين البيئة الشبابيّة الداعمة، وقيادة الفكر والتفكير الداعم للشباب والشابات، والوصول والتأثير في الشباب والشابات من المحافظات كافة، وقيادة مبادرات شاملة للشباب والشابات.
وأثمر موقف سمو ولي العهد في مجلس الأمن، خلال استضافة المملكة عام 2015 للمؤتمر الدولي الأول الخاص بالشباب في مناطق النزاع، وأصدر المشاركون فيه "إعلان عمان حول الشباب والسلام والأمن"، وفيه تعهد الأمير الشاب، أن يسعى الأردن، عبر عضويته في مجلس الأمن آنذاك للعمل على إصدار قرار بالاستناد على توصيات الإعلان، وهو ما جرى فعلاً حين أصدر مجلس الأمن، بناءً على مشروع قرار تقدم به الأردن، في التاسع من كانون الأول (ديسمبر) من العام ذاته، قراراً حمل رقم 2250 حول الشباب والسلام والأمن.