التقصي الوبائي لانتشار فيروس كورونا باستخدام المياه العادمة

مخيم البقعة ذو الكثافة السكانية العالية، والواقع شمال عمان
مخيم البقعة ذو الكثافة السكانية العالية، والواقع شمال عمان

رها العساف*

بينما تجاهد فرق التقصي الوبائي لاحتواء انتشار فيروس كورونا فانها تواجه عدة تحديات اهمها الحاجة لحظر التجول الشامل وما يتبعة من اثار اجتماعية واقتصادية اضافة للكثافة السكانية العالية في بعض المناطق مما يطرح تساؤلات عن مدى تمثيل العينات العشوائية للوضع الصحي في هذه المناطق.

اضافة اعلان

ان الدارس لفسيولوجية جسم الانسان وسلوك الفيروس يجد أن هذا الفيروس قد يتواجد في الفضلات البشرية واهمها البراز وبالتالي امكانية وصول هذ الفيروس لخطوط الصرف الصحي ومن ثم لمحطات معالجة المياه العادمة وهنا تبرز الفكرة في استخدام المياه العادمة كأداة تقصي لوجود هذا الفيروس في مجتمع معين.

فقد اثبتت الدراسات المنشورة من قبل باحثين المان وهولنديين مطلع الشهر الحالي وجود جزيئات من الحمض النووي لفيروس كورونا في المياه الواردة لمحطات المعالجة في اكثر من خمس محطات.

ان التقصي الوبائي العشوائي يفرض كلفا مرتفعة على الحكومات ويتطلب جهودا بشرية عالية اذ صادقت الحكومة البريطانية على ضروره اجراء اكثر من 25 الف فحص يومي للكورونا بينما صرحت الادارة الامريكية بقيامها بأكثر من مليون فحص خلال الاسابيع الماضية.

وهنا يأتي هذا المقترح الهادف لتحديد بؤر انتشار فيروس كورونا في الاماكن الاكثر اكتظاظا في الاردن ولنأخذ مخيم البقعة كمثال على ذلك.

يبلغ تعداد مخيم البقعة اكثر من 100000 مواطن يعيشون في واحد من اكثر المناطق اكتظاظا في الاردن ضمن مساحة لا تتجاوز 1.5 كيلومتر مربع وهذا بحد ذاته يحد من امكانية التقصي الوبائي التقليدي. تصرف المياه العادمة من مخيم البقعه باتجاه محطة معالجة البقعة والواقعة على مسافة 3 كيلومترات شمال المخيم وبالتالي فإن قرب هذه المحطة من مصدر المياه العادمة يضمن ان تكون العينات ممثلة حيث ان قصر فترة النقل يحافظ على الفيروس في المياه العادمة دون ان يتفكك مما يعطي دقة اكبر في التحاليل.

ان دراسة المياه العادمة الواردة للمحطة يعطي صورة اجمالية عن مدى تفشي هذا الوباء في المجتمع المحلي وهذا غير كاف لتحديد الاشخاص المصابين اذ ينبغي لاحقاً ان تقسم منطقة المخيم الى قطاعات سكنية اصغر وتحليل المياه العادمة واذا ما تم تسجيل جزيئات من الحمض النووى لفيروس كورونا في أي قطاع يتم التوجه لتقسيم هذا القطاع لوحدات أصغر واخذ عينات اخرى وصولا لمصدر الفيروس على مستوى الحي أو البناية وهنا يأتي دور فرق التقصي الوبائي في تحديد الاشخاص الحاملين لهذا الفيروس.

ويمكن هنا الاعتماد على أدوات التخطيط المكاني مثل الصور الجوية ونظم المعلومات الجغرافية للمساعدة في تقسيم نطاقات أخذ العينات وتسهيل الوصول للمواقع الميدانية خلال وقت قصير يضمن سلامة اجراءات اخذ العينات وتمثياها للوحدات السكنية المعنية.

ويمكن تطبيق هذا الاجراء في اي منطقة سكنة ذات كثافة سكانية عالية بشرط ان تؤخذ العينات اقرب ما يمكن للتجمع السكني لتلافي مشكلة تفكك الفيروس والتي تعتمد على متغيرات عدة اهمها درجة الحرارة والتركيب الكيميائي للمياه العادمة.

*باحثة متخصصة في مجال الفيروسات/ مرشح دكتوراة في جامعة فيننا - قسم المياه والصحة