ما هي فرص وتحديات الجيل الخامس؟

الجيل الخامس.. كيف يعزز مفهوم "الريادة الرقمية"؟
الجيل الخامس

بالتزامن مع بدء انتشار خدمات الجيل الخامس في المملكة تدريجيا، يؤكد خبراء ومسؤولون في قطاع الاتصالات والتقنية أن هنالك فرصا كبيرة يمكن أن يجنيها الأردن من هذه الخدمات خلال السنوات الخمس المقبلة، وفي المقابل يشير آخرون إلى التحديات التي سترافق الخدمة من تكاليف ومخاطر سيبرانية.

اضافة اعلان


ويشير الخبراء إلى أن ثمة إمكانيات كبيرة لإدخال تطبيقات ذات تقنية متقدمة من خلال الجيل الخامس تخدم عملية التحول الرقمي في المملكة، الأمر الذي قد يحدث آثارا اقتصادية واضحة على صعيد زيادة الانتاجية والكفاءة وتقليص التكاليف، وتوفير فرص عمل في الأعمال الرقمية الجديدة التي ستبنى على الشبكة وستشكل اضافة نوعية للبنية التحتية في قطاع الاتصالات. 


بيد أن الخبراء أشاروا في أحاديثهم لـ"الغد" إلى أن هنالك "جانبا مظلما" لدخول الجيل الخامس، فثمة تحديات سترافق إدخال ونشر الخدمة ومنها التكاليف المرتبطة بإنشاء الشبكات والتكاليف التشغيلية وتحديات مرتبطة في توقعات بزيادة مخاطر الأمن السيبراني. 


وأكد وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة أن أهمية الجيل الخامس لا تنحصر في اطلاق الخدمة وتقديمها تجاريا للافراد والمؤسسات، ولكن اهميتها الكبيرة تكمن فيما سيجري بناؤه عليها من خدمات ومنتجات ومفاهيم مثل انترنت الاشياء والمدن الذكية وغيرها من المفاهيم، لافتا الى اهميتها في استيعاب حركة الانترنت المتزايدة في الاردن والتي تضاعفت أخيرا بحركتها ما قبل "كورونا".  


وقال الهناندة "بعد أن أطلقت واحدة من الشركات العاملة في سوق الاتصالات خدمات الجيل الخامس بمرحلتها الاولى ينتظر أن تقوم الشركات الأخرى العاملة في السوق المحلية بإطلاق خدماتها التجارية في السوق المحلية خلال فترة الشهور المقبلة، لنشهد بعدها توسعا في التغطية والانتشار للخدمة الأكثر حداثة في اسواق الاتصالات حول العالم".


وبين أن الأردن يتمتع ببنية تحتية قوية للاتصالات تتنوع بين شبكات لاسلكية تعمل بالجيل الثالث والرابع وشبكات سلكية " فايبر" واصلة لنسبة تتجاوز النصف من منازل الأردنيين، فيما سيدعم دخول الجيل الخامس هذه البنية التحتية بشبكات لاسلكية تتميز بسرعاتها العالية وقدراتها الهائلة. 


وأكد الهناندة أهمية دعم خدمة الجيل الخامس للخطط والاستراتيجيات الحكومية، ولعملية التحول الرقمي التي تقوم عليها الحكومة والتي تهدف إلى تحويل جميع الخدمات الحكومية الى خدمات رقمية بعد سنتين.  
وأشار الى ان الجيل الخامس سيشكل عاملا ممكنا للقطاعات الاقتصادية كافة التي تتحول بدروها الى الرقمنة في عملها. 


بلغة الارقام يقدر عدد اشتراكات الخلوي اليوم في الأردن بنحو سبعة ملايين ونصف المليون مستخدم اغلبها تعتمد على هواتف ذكية، فيما يقدر عدد مستخدمي الانترنت بأكثر من 11 مليون مستخدم. 


وارتفع استهلاك الأردنيين للإنترنت والبيانات بمختلف تقنياتها بنسبة 32 % خلال العام الماضي ليبلغ 4.3 مليار جيجا بايت، مقارنة مع 3.25 مليار جيجا بايت خلال العام 2021.


ومن جانبه، قال نائب الرئيس التنفيذي لشركة "أورنج الأردن" رسلان ديرانية إن "خدمات الجيل الخامس ستوفر فرصا كبيرة امام كافة القطاعات الاقتصادية في طريق تحولها الرقمي عندما تتحول المعاملات والخدمات الى رقمية في كل القطاعات في السعي لتصبح اكثر جودة واكثر سهولة واكثر تأثيرا لأنها تعتمد على شبكة ذات سرعات هائلة وسعات تحميل وتنزيل عالية، وانخفاض في تأخر زمن الاستجابة".


واكد أن الجيل الخامس سيوجد تطبيقات وحلولا وخدمات رقمية لا يمكن الحصول عليها بالاعتماد على الاجيال السابقة للاتصالات مثل الجيل الثالث والجيل الرابع.


ولكنه أشار الى جانب هذه الفرص الكبيرة هناك تحديات لإدخال ونشر الجيل الخامس منها تحديات تتعلق بالمستخدمين وتتمثل في ارتفاع كلف الاجهزة الطرفية الداعمة لاستخدام الجيل الخامس ( الاجهزة الطرفية واجهزة الهواتف الداعمة للخدمة). 


وأشار ديرانية الى أن هناك تحديات تتعلق بالمشغلين ومنها ارتفاع الكلف الرأسمالية ( كلف المواقع والابراج والمعدات المرتبطة بالجيل الخامس في الشبكات والتي تزيد بضعفين مقارنة بالجيل الرابع) والتكاليف التشغيلية ( تكاليف مرتبطة بتشغيل الخدمة مثل الطاقة والكهرباء والتي تزيد بنحو ثلاثة اضعاف مقارنة بالجيل الرابع). 


واشار ديرانية الى تحدي أمن المعلومات المرافق لكل شبكات وتقنيات الاتصالات، إذ تزيد الحاجة في الجيل الخامس لحماية الامن السيبراني مع ارتباط اعداد كبيرة من الاجهزة في الشبكة ( هواتف والات في خدمات انترنت الاشياء)، وزيادة حجم البيانات التي تجري معالجتها واستخدامها في شبكات الجيل الخامس. 


وأكد رئيس المركز الوطني للامن السيبراني د.بسام المحارمة أن الأمن السيبراني يشكل تحديا لدى ادخال خدمات وشبكات الجيل الخامس وبشكل اكبر من الاجيال السابقة للاتصالات، عازيا الامر الى ان شبكات الجيل الخامس ستوفر ربطا لعدد اكبر من اجهزة الاتصالات ( الهواتف، والآلات في خدمات انترنت الاشياء مثل الكاميرات وعددات الكهرباء والمستشعرات وغيرها)، وزيادة العدد يزيد من إمكانيات وجود ثغرات أومنافذ ونقاط يستخدمها القراصنة للاختراق الأمر الذي يزيد من العبء على الشركات وبالتبعية زيادة الاحتياط ووضع استراتيجيات وخطط للأمن السيبراني.


وأشار المحارمة إلى توجه الحكومة بالتعاون مع الجهات المعنية في قطاع الاتصالات والمركز الوطني للامن لصياغة إطار تنظيمي يضمن بقاء شبكات الاتصالات من الجيل الخامس على درجة عالية من الامان. 


وقال الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة " اسكدنيا للبرمجيات"، الشركة التقنية الاردنية المتخصصة في برمجيات وحلول قطاعات التأمين والصحة والاتصالات نائل صلاح ان "شبكات الاتصالات بمختلف اجيالها تشكل بنية تحتية اساسية لعمل قطاع تقنية المعلومات بخدماته ومنتجاته المتنوعة". 


وأكد أن إطلاق وتوفير الجيل الخامس بسرعاته العالية سيحدث قفزة نوعية في عمل القطاع التقني كونه سيسمح لشركات التقنية بتطوير برامج وحلول متقدمة مقارنة بالأجيال السابقة وبالتبعية القدرة على خدمة عملائها من قطاعات مختلفة للاستفادة من هذه الحلول والبرامج.


ولفت إلى أهمية الجيل الخامس في تطوير وإطلاق برامج وحلول تندرج تحت مفهوم انترنت الاشياء وصناعة الذكاء الاصطناعي وغيرها من المفاهيم التي تحتاج الى سرعات وسعات عالية من خدمات الاتصالات. 


وقال المفوض في مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الاتصالات د.نوح الشياب إن "الاتفاق الذي جرى بين الحكومة والشركات العاملة في السوق المحلية العام الماضي للتمهيد لإدخال الجيل الخامس كان اتفاقا تاريخيا ونقطة تحول كبيرة في قطاع الاتصالات الاردني لانه تضمن حلولا واتفاقات لمواجهة تحديات وخلافات كانت عالقة بين الطرفين من سنوات طويلة". 


وأكد الشياب أهمية الجيل الخامس لقطاع الاتصالات والتقنية وللقطاعات الاقتصادية كافة، واصفا اياه بانه سيكون "اكسجين الاقتصاد والعالم الرقمي" مع ما يوفره من سرعات عالية وسعات تحميل وتنزيل عالية. 


واشار الى اهميته للأعمال التي ستظهر في المستقبل والتي تندرج تحت مفاهيم انترنت الاشياء والاعمال الذكية والزراعة الذكية وشبكات الكهرباء الذكية والتي تحتاج الى سرعات عالية في نقل البيانات وتحليلها بسرعة والتعامل معها في لحظات.


وبين الشياب اهمية الجيل الخامس في زيادة انتاجية القطاعات الاقتصادية التي ستعتمد عليه، لافتا إلى أن الزراعة الذكية والتي تعتمد على التقنيات الحديثة مستقبلا فإنتاجيتها ستزيد نحو خمسة أضعاف الزراعة التقليدية. 


وقال "شبكات الكهرباء لدى تحولها الى ذكية معتمدة على الجيل الخامس فهي ستستغل الفاقد فيها وتوجهه بشكل افضل للاستخدام، كذلك الامر في قطاع الرعاية الصحية الذكية والتي تحتاج الى سرعات عالية للانترنت لإجراء عمليات بالأون لاين وغيرها من الامثلة من قطاعات اخرى حيوية". 


وقال عضو مجلس ادارة جمعية شركات التقنية والاتصالات الأردنية " انتاج" يوسف العالم "دخول الجيل الخامس يلقي بالمسؤولية على قطاع الاتصالات والتقنية وشركاته للاستثمار في مجال تأهيل ورفع قدرات موظفيها لتلبية حاجات القطاع والسوق المستقبلية من التقنيات والحلول الجديدة التي ستخلق وتبنى على الجيل الخامس". 


وأكد العالم أن التحول الرقمي الذي تشهده معظم القطاعات وادخالها للتقنيات الحديثة: الزراعة الذكية، والنقل الذكي، والمالية التقنية، والتعليم والتوسع في هذا التحول سيزيد من الاعتماد على شبكات الانترنت وخصوصا المتقدمة منها مثل الفايبر والجيل الخامس، لافتا إلى أن هذه الشبكات المتقدمة اصبحت "عاملا ممكنا" لتقدم هذه القطاعات. 


وأكد رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الرابطة الدولية لمشغلي الهواتف المتنقلة جواد عباسي أهمية خدمات الجيل الخامس بما توفره من سرعات وسعات تحميل وتنزيل عالية تفيد في تقديم خدمات وتطبيقات جديدة لا تستطيع الاجيال السابقة تقديمها. 


واشار الى أن الأردن اطلق خدمات الجيل الخامس في " الوقت المناسب" رغم ان مجموعة من دول العالم والخليج قد اطلقت الخدمة قبل اكثر من اربع سنوات، ولكن اطلاقها في الاردن اليوم يمنح هيئة تنظيم القطاع والمشغلين الفرصة للاطلاع على التجارب السابقة في اطلاق الخدمة والتعرف على التحديات التي واجهت الاسواق هناك والتعرف على أحسن الطرق للاستفادة من الخدمة أكثر ما يمكن. 


واكد اهمية الخدمة في تأهيل وبناء القدرات الهندسية للشباب الاردني في مجال تقنية الجيل الخامس.
وقال عباسي "الأرقام العالمية تظهر ان هناك نحو مليار مشترك في خدمات الجيل الخامس حول العالم، والرقم في تزايد".  


وتوقع أن تستحوذ الخدمة على ربع المشتركين في الاتصالات المتنقلة في الاردن بعد سنة ونصف من الاطلاق، ومن ثم سوف تستمر في النمو والانتشار. 


 وقال "شبكة الجيل الخامس ستشكل إضافة مهمة للبنية التحتية للاتصالات وستحقق المزايا السابقة مع تميزها بتوفير سرعات فائقة وغير مسبوقة تزيد بنحو عشرة أضعاف على سرعات الجيل الرابع".


واشار عباسي الى تحديات الاستثمار في شبكات الجيل الخامس لأن كثافتها تكون اعلى من الاجيال السابقة، فيما يرى أن تحدي امن المعلومات يرافق كل اجيال وانواع شبكات الاتصالات. 


ومن جانبه، قال رئيس مجلس ادارة مجموعة المرشدين العرب حكم كنفاني ان "خدمات الجيل ليست موجهة بشكل رئيسي لخدمة الافراد فقط ( المستخدمين العاديين للاتصالات المتنقلة) ولكنها طورت لخدمة المؤسسات ومفاهيم متقدمة مثل انترنت الاشياء والمدن الذكية والرعاية الصحية عن بعد والتعليم عن بعد وغيرها من المفاهيم التي تحتاج الى سرعات عالية من الانترنت". 


ولفت كنفاني إلى أن خدمة الجيل الخامس طرحت حديثا في العالم العربي؛ ولذلك فإن أعداد الاشتراكات فيها ما تزال ضئيلة، مشيرا الى ان توجه العديد من الدول في المنطقة العربية لطرح الخدمة تجاريا سيسهم في نمو عدد المستخدمين.


واشار الى تحديث الاجهزة الخلوية الداعمة للجيل الخامس في المنطقة العربية، وقال "90 % من الأجهزة المستخدمة اليوم لا تدعم الجيل الخامس".


وقال كنفاني "الاجهزة الخلوية التي ستطرح بالسوق الفترة المقبلة جميعها ستدعم خدمة الجيل الخامس".


وأضاف "تكنولوجيا الاتصالات ستتطور بوجود وتمدد خدمات الجيل الخامس من ناحية تطوير التطبيقات، وهو الامر الذي سيحفز رياديي الاعمال والشباب الأردنيين الذين اثبتوا جدارتهم ومهارتهم خلال السنوات الماضية في مجال التقنية والريادة".

 

اقرأ المزيد :  

كيف يسهم الجيل الخامس بتطبيق مفهوم "المدن الذكية المستدامة"؟