عواصم - بالتزامن معا تستهدف وساطتان صينية وأفريقية إنهاء حرب دخلت عامها الثاني ولم تنهك طرفيها، بل العالم أجمع، الذي انقسم تقريبا لمعسكرين متحفزين، والانقسام يتوسع وقد يؤدي بالعالم لأضرار تفوق ما تسببت به الحروب العالمية.
وعلى مدى اليومين الماضيين التقى المبعوث الصيني الخاص لشؤون أوروبا وآسيا لي هوي عددا من كبار المسؤولين الأوكرانيين لطرح وجهة نظر بلاده إزاء إنهاء الحرب وكان آخر لقاءاته أمس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف.
وأعلنت وزارة الخارجية الصينية أن ثمرة لقاءات مبعوثها بالمسؤولين الأوكرانيين كانت الاتفاق على ضرورة مواصلة الاحترام المتبادل والتعاون الذي يصب في مصلحة الجانبين.
وأضافت أن الصين "لعبت دوما دورا بناء في تخفيف وطأة الوضع الإنساني في أوكرانيا بطريقتها الخاصة، وستواصل تقديم المساعدة لأوكرانيا في حدود قدرتها".
وقال المبعوث الصيني وفق الخارجية أنه ليس هناك حل سحري للأزمة، ويجب على كل الأطراف أن تبادر من تلقاء نفسها، وبناء الثقة المتبادلة وتهيئة الظروف لوقف الحرب والتحاور".
ويعد لي -الذي يتحدث الروسية بطلاقة- أرفع دبلوماسي صيني يزور أوكرانيا منذ بداية الحرب الروسية عليها في شباط (فبراير) 2022، وتأتي زيارته بعد 3 أسابيع من محادثة هاتفية بين الرئيس الأوكراني ونظيره الصيني شي جين بينغ.
وكانت الخارجية الأوكرانية قالت إن المبعوث الصيني أبلغ وزيرها دميترو كوليبا بالمبادئ التي تقوم عليها المبادرة الصينية لاستعادة السلام على أساس احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها. وسيزور المبعوث الصيني روسيا وعددا من دول الاتحاد الأوروبي، بينها بولندا وفرنسا وألمانيا في سياق مساعي بلاده لإنهاء الحرب.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والباحث بالمركز العربي في واشنطن خليل العناني اعتبر أن مساعي الصين للدخول على خط الأزمة الأوكرانية ما هي إلا محاولة لحفظ ماء الوجه الروسي، وكذلك لتعزيز جهود بكين لفك الارتباط مع روسيا ومحاولتها تهدئة الأمور، لكنه قلل من جدوى هذه المحاولات التي وصفها بأنها شكلية في ظل انعدام الثقة الأميركية والأوروبية في هذه الوساطة.
وبخصوص مصلحة الصين في الحرب، أوضح العناني أنها مستفيدة من حرب روسيا على أوكرانيا، لكونها تسمح باستنزاف أميركا في الحرب وكذلك تشتيت انتباهها عن الصراع على تايوان، وهو ما جعله يعتبر أن بكين لا تقوم بهذه الوساطة بشكل جاد وحقيقي ولكنها مجرد واجهة تحمل داخلها أسبابا خاصة بالصين.
بدوره، رأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في باريس زياد ماجد أن الدول الأوروبية تنظر بحذر إلى الوساطة الصينية، لكونها تعتبر بكين حليفة رئيسية لموسكو.
لكنه أشار إلى أن خبراء السياسة الصينية يدركون أن بكين لديها حسابات مختلفة عن موسكو، وباتت حاليا ترغب في إيقاف الحرب لكي تلعب دورا أكبر في المجال السياسي، كما أن التضخم ومجمل الأزمات الاقتصادية التي نجمت عن الحرب المستمرة منذ نحو سنة و3 أشهر تنعكس عليها، ولذلك تبحث عن طريق للخروج منها.
ورأى أن شروط كييف وموسكو تجعل نجاح المبادرة قضية صعبة جدا، خاصة أن المبادرة لا تذكر انسحابا روسيا من الأراضي الأوكرانية، بل تسعى فقط إلى وقف العمليات العسكرية والعودة للمفاوضات.
يذكر أن الخارجية الأوكرانية قالت إن المبعوث الصيني أبلغ وزيرها دميترو كوليبا 6 مبادئ تقوم عليها المبادرة الصينية لاستعادة السلام على أساس احترام سيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية.
وحول الوساطة الإفريقية أكد رئيس جمهورية جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، الثلاثاء الماضي، بأن روسيا وأوكرانيا وافقتا على وساطة القادة الأفارقة لبحث آفاق الأزمة الأوكرانية ضمن مبادرة السلام.
وقال رامافوزا خلال مؤتمر صحفي جمعه برئيس الوزراء السينغافوري لي هسين لونغ، "قدمت المبادرة نيابة عن نظرائي في زامبيا والسنغال والكونغو وأوغندا ومصر، وأعرب كلا الزعيمين الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فلاديمير زيلينسكي، خلال مكالمة هاتفية عن استعدادهما لقبول وساطة رؤساء الدول الإفريقية في مبادرة السلام، الرامية لحل الأزمة الأوكرانية".
وأشار إلى أنه "اتفق مع الرئيسين بوتين وزيلينسكي على بدء الاستعدادات للتفاوض في هذه المسألة مع القادة الأفارقة، وأنه تم بالفعل إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومكتب الاتحاد الإفريقي بهذه المبادرة".
وألمح رامافوزا إلى اتفاق القادة الأفارقة على ضرورة تقديم المنطقة الإفريقية مبادرة سلام من شأنها إنهاء الأزمة الأوكرانية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى محادثة هاتفية مع نظيره في جمهورية جنوب إفريقي سيريل رامافوزا، الجمعة الماضي، أيد خلالها الرئيس بوتين "مقترح الوساطة الإفريقية لبحث آفاق حل الصراع الأوكراني"، مشددا على أن "موسكو لم ترفض العمل في المسار الدبلوماسي لحل الأزمة".
وحول الوساطة الإفريقية قال نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية السفير صلاح حليمة، إن هناك الوساطة الإفريقية من شأنها محاولة التوصل للتسوية للأزمة الأوكرانية الروسية برؤية إفريقية.
وأضاف أن مساعي إفريقيا لحل الصراع، تأتي في ظل أنها القارة الأكثر تضررا من الحرب الروسية الأوكرانية، وجائحة كورونا أيضا، متمنيا أن يكون لهذا التحرك الإفريقي تأثير إيجابي في اتجاه التوصل إلى التسوية، خاصة أن الأطراف التي تتكون منها المجموعة التي تشترك في مبادرة السلام، لها علاقة بطرفي الصراع بصفة خاصة.
ولم يقلل حليمة، من شأن المبادرة الصينية، مضيفا لضرورة أن تشمل المبادرتان الصينية والإفريقية تحركا من جانب دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وخاصة فرنسا وألمانيا، ويجب أن يشمل نوعا من التأييد والتفهم من الولايات المتحدة لأهمية تلك العملية السلمية.-(وكالات)
