وحظيت رؤى وأدوار جلالته التي تستشرف المستقبل، وترصد الحاضر بقوة بصيرته العميقة، منذ تبوئه سدة الحكم، بتقدير الأوساط السياسية العربية والدولية، لما لجلالته من إسهامات بارزة، بدعم التعاون العربي وإزالة الخلافات بين الدول الشقيقة، للوصول إلى إستراتيجية تكفل للأمة العربية تعاونها وتضامنها وبلوغ أهدافها القومية.
وقد اتسمت سياسة جلالته الخارجية بالصراحة والوضوح والدبلوماسية في تعزيز البناء مع جميع الدول، على أسس من الاحترام المتبادل والمساواة وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، وحل النـزاعات بالطرق السلمية، والحفاظ على استقلال الأردن وسيادته على أراضيه وثرواته وحرية قراره السياسي.
وفي إطار علاقات الأردن الخارجية، حرص الأردن بقيادة جلالته على تعزيز العلاقات القائمة على أسس الاحترام، والحرص على دعم الجهود الرامية لإنهاء دوامات العنف التي تجري في دول عديدة، بينها دول المنطقة، فقد سعى جلالته لتطوير علاقاته في كل المجالات مع الدول العربية، انطلاقا من إيمانه بالمصير العربي المشترك، وأرسى تأكيد الأردن على الالتزام، بتحقيق التضامن العربي ورص الصفوف العربية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين.
وفرض وجودُ الأردن في بيئة إقليمية مضطربة ومتشابكة، بناء سياسة خارجية وإستراتيجية لأبعاد التطورات والاحتمالات المتوقعة، والخيارات المطروحة للتعامل معها، تحقيقا لمصالحه وأمنه واستقراره.
وفي العام الحالي، كان الأردن من أكثر الدول العربية تأثرا وحساسية لما يدور حوله من أحداث، وتحمّل بسبب القضية الفلسطينية، أعباء سياسية وأمنية واقتصادية كبيرة، كما انعكست تداعيات الأحداث والتطورات الميدانية في العراق وسورية واليمن وليبيا، على اقتصاده وتركيبته الداخلية.
في هذا الإطار؛ فإن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، حقق تطورا كميا ونوعيا في المجال الدبلوماسي، وكسب تأييدا دوليا للقضية الفلسطينية، برز عبر الاتجاه نحو تنويع الشراكات الدبلوماسية التي اتخذت أبعادا متعددة، ما منح المملكة مساحة كبيرة للعمل الدبلوماسي، لينعكس ذلك على القضية المركزية "فلسطين".
كما برزت جهود جلالته بالتصدي لمحاولات تغيير الواقع على الأرض، فيما يخص القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، كرسالة حازمة للعالم أجمع، لمنع تنفيذ أي مخطط، أو محاولات لمصادرة ممتلكات المسيحيين في القدس، والتي تحظى بالاهتمام والرعاية نفسها التي يوليهما جلالة الملك للمقدسات الإسلامية في القدس.
وحظي صنع القرار في سياسته الخارجية، بدراسة وتحليل وتفكير أكبر، دون ترك مجال لاجتهادات التفاعل الآني مع الأحداث، في سياق فراغ في الرؤية الإستراتيجية.
عربيا، تؤكد المملكة بقيادة جلالته دائما، أهمية تفعيل منظومة التعاون والعمل العربي المشترك باعتباره السبيل، إلى تحقيق تطلعات الشعوب في العيش بأمن وسلام، وبناء المستقبل الأفضل لها، ولم يتوان يوما عن القيام بدوره الأخوي والإنساني، والارتقاء والنهوض بالتعاون العربي المشترك، وتسخير جميع إمكانياته وطاقاته في جميع المنابر الدولية، وبشكل خاص في مجلس الأمن، لخدمة المصالح والقضايا العربية.
عالميا، يتطلع جلالة الملك إلى تعزيز نهج جديد في التعاون الدولي، يقوم على أسس استقرت ببزوغ النظام العالمي الجديد القائم على الشرعية الدولية، والمحافظة على حقوق الإنسان، ودور الأمم المتحدة بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، كما ويدعو إلى تعاون دولي لتأمين الإنسانية أفرادا وجماعات من أخطار الإرهاب بأشكاله المختلفة.
وحمل جلالته على عاتقه مسؤولية وأمانة تقديم جانب مشرق للعالم، يوضح فيه الصورة النقية والحقيقية للدين الإسلامي الحنيف، فأطلق في العام 2004 رسالة عمان، لتشرح منهج الإسلام القائم على احترام قيم الإنسان ونبذ العنف والتطرف، والدعوة للحوار وقبول الآخر، وإبراز صورة الإسلام الحقيقية المبنية على أسس الخير والعدالة والتسامح والاعتدال والوسطية.
وأمام المنتدى الاقتصادي العالمي في نيويورك، دافع جلالته في العام 2002 عن الإسلام، وحث على فهم رسالة السلام الإسلامية، باعتباره دين السلام والمحبة والتسامح، كما أعلن جلالته تأسيس "معهد الملك عبدالله الثاني لإعداد الدعاة وتأهيلهم وتدريبهم" في العام 2006.
أما القدس والقضية الفلسطينية، فكانت واستمرت على الدوام على رأس سلم الأولويات، والأردن يؤكد ضرورة حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وإقامة سلام شامل وعادل قائم على إعادة الحقوق إلى الفلسطينيين، بإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشريف، بحيث أعاد جلالته القضية الفلسطينية إلى مركز دائرة الضوء العالمي.
يمثل الاحتفال بعيد الاستقلال، لحظة للقيام بوقفة تأملية تستحضر تاريخ الأردن الغني بالأمجاد وبالمحطات المشرقة، للذود عن مقدسات البلاد، ومناسبة لاستلهام ما تنطوي عليه هذه الذكرى من قيم سامية وغايات نبيلة، لإذكاء التعبئة الشاملة، وزرع روح المواطنة، وتحصين المكاسب الديمقراطية، ومواصلة مسيرة التنمية والإصلاح والتطوير والتحديث، وتثبيت وصيانة الوحدة الوطنية، وربط الماضي التليد بالحاضر والمستقبل المجيد.