هل تواكب "المياه" تقنيات قياس الفاقد في الغلاف الجوي؟

1685893361189335900
سد الملك طلال-(تصوير: ساهر قدارة)

وسط دعوات عالمية، بضرورة اتخاذ إجراءات لفهم أفضل حول حجم المياه المفقودة في الغلاف الجوي، بخاصة في المنطقة العربية، أشار مختصون في قطاع المياه إلى اتساق ذلك، والإجراءات التي ينفذها قطاع المياه الأردني بهذا الخصوص. 

اضافة اعلان


وأكد المختصون في تصريحات لـ"الغد"، عدم إمكانية إلغاء الفاقد المائي الناجم عن التبخر، إنما يمكن الحدّ منها بالاستفادة من تطور التقنيات الحديثة.


وفيما تركزت تلك الدعوات على ضرورة تنفيذ إجراءات نحو فهم أفضل لحجم المياه المفقودة في الغلاف الجوي من التربة والنباتات، بخاصة في المنطقة والتي وصفها بــ"المنطقة الأكثر جفافا في العالم، وتعد موطنا لـ15 من أصل 25 دولة، تعاني من ندرة المياه في العالم"، حذر الخبير الدولي أمين عام وزارة المياه والري بالوكالة الأسبق محمد ارشيد من المخاوف الناجمة عن صعوبة السيطرة على موضوع المياه المفقودة من الغلاف الجوي، والتي تقدم من التربة والنباتات وتعرف بالتبخر.


وقال ارشيد في هذا الإطار، أن "التبخر المرتفع قد يؤدي لنقص في المياه المتاحة للاستخدام البشري والحيواني والنباتي"، مبينا أن "دراسات علمية تشير إلى أن الكمية الكبيرة من المياه التي تستخدمها النباتات، وتتبخر من التربة تؤدي لنقص في المياه الجوفية والسطحية".


وهو ما يحتم، على حد تعبير ارشيد، ضرورة "التفكير بطرق للحد من هذه الخسائر كتحسين طرق الري وزيادة استخدام المياه المعاد تدويرها، واستخدام تقنيات الري الحديثة".


وتابع "لفهم أفضل لحجم تلك المياه المفقودة من الغلاف الجوي، قامت وزارة المياه بتركيب عشرات المحطات في المملكة لقياس التبخر، وهي محطات تلمتري".


وأشار خبير دولي إلى عدة مشاريع قائمة لاحتساب التبخر مثل احتساب المياه، واستخدام موقع إلكتروني لمنظمة الأغذية والزراعة التابع للأمم المتحدة (الفاو)، إذ يحتسب التبخر باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد، وصور الأقمار الاصطناعية.


وخلص ارشيد إلى أنه لا يمكن السيطرة بشكل كامل على هذا التحدي، بل بالإمكان الحد منه، والاستفادة من كميات المياه المتاحة، ومواكبة التطور الناجم عن استخدام التكنولوجيا الحديثة.


وبهذا الخصوص، يرصد التعاون مع معاهد البحوث الزراعية الوطنية في الأردن ولبنان ومصر وتونس والمغرب وفلسطين، إذ تهدف شبكة قياس التبخر والتي أسسها المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) و"الفاو لبناء فهم إقليمي مشترك، وتحسين إدارة الموارد المائية، وتعزيز تطوير إستراتيجيات التدخل المناسبة للتعامل مع ندرة المياه.


ويولي جلالة الملك عبدالله الثاني، قضية خفض الفاقد المائي بالمملكة أهمية قصوى، عبر توجيهاته لتنفيذ مشروعات إستراتيجية في رؤية التحديث الاقتصادي، وأهمها الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة، لمواجهة التحديات المائية والبيئية والتغير المناخي، ورفع كفاءة استخدام الموارد المائية وخفض الفاقد المائي، والتصدي للاعتداء على المصادر المائية، وعدم التهاون بالتعامل معها. 


وفي حين حذر تقرير صدر مؤخرا عن "نيتشر" العلمية بعنوان "قياس فاقد المياه لمستقبل حار وعطش"، من عدم توافر البيانات المطلوبة في المنطقة ذاتها، أبدى الخبراء مخاوفهم المتسقة وتحذيرات التقرير، إزاء عدم كفاية الموارد المائية الكافية في المنطقة، مشيرين إلى أنها "ليست آمنة غذائيا، توازيا وتغير المناخ".


من جانبه، أكد الأمين العام الأسبق للوزارة علي صبح، أن الإستراتيجية المحدثة لقطاع المياه، احتوت مشاريع مائية يزمع تنفيذها خلال الـ10 و15 عاما المقبلة، مشيرا إلى أن طرح إحدى المبادرات المهمة وفق رؤية التحديث في القطاع، والتي تتمثل برفع كفاءة استخدام المياه، وتحقيق الاستدامة الذاتية المالية، وتطوير المراقبة والتحكم بإدارة العرض والطلب على المياه، وإطلاق برنامج توعية للحفاظ عليها، وتعزيز القدرة على مقاومة المناخ تصب في مصلحة استخدامها المستدام.


وقال صبح، إن خفض كل 1 % أو 2 % من الفاقد الفيزيائي أو الإداري، توفير لملايين الأمتار المكعبة من المياه.
وأكد التقرير، ضرورة اعتماد قياسات التبخر الدقيقة لتحديد الاحتياجات المائية للمحاصيل الأساسية وتحسين إنتاجيتها، لإدارة الموارد المائية بفعالية.


من ناحيتها، اعتبرت الخبيرة الإقليمية في دبلوماسية المياه ميسون الزعبي، أن سياسة المضي بخفض الفاقد المائي %2  سنويا، من أهم السياسات والمبادرات الأكثر إلحاحا وأهمية على مستوى مخرجات "رؤية التحديث الاقتصادي" حتى العام 2033.


وركزت الزعبي على المحاور المتعلقة بخفض الفاقد 2 % سنويا، وإطلاق المشاريع الوطنية لتحلية المياه، وتوفير الفرص أمام استثمارات القطاع الخاص، ورفع كفاءة الطاقة المستخدمة في القطاع، معتبرة بأنها على رأس سلم أولويات أهداف تنمية قطاع المياه والنهوض به، ووفق خطة تنفيذية زمنية محددة.


وذلك إلى جانب تعزيز استخدام الطاقة البديلة، واستغلال تخزين المياه لتخزين الطاقة، ورفع كفاءة استخدام المياه، وتحقيق الاستدامة الذاتية المالية، وتطوير المراقبة والتحكم في إدارة العرض والطلب على المياه، بالاضافة لإطلاق برامج توعية للحفاظ على المياه، وتعزيز القدرة على مقاومة المناخ، والاستخدام المستدام للمياه، والاستفادة من الحلول التقنية في برنامج استدامة المياه، وإطلاق المركز الوطني للابتكار.  


وفيما تتعاظم المخاطر محليا وعالميا إزاء خسارة المياه غير المدرة للدخل أو الفاقد المائي، في ظل توقعات بأن تكون دول المنطقة الأكثر عرضة لمواجهة خسائرها الاقتصادية، ارتكزت الاستراتيجية الوطنية الأردنية للمياه للأعوام 2023 - 2040، على مسار العمل المشترك مع المؤسسات الحكومية والأفراد، والموجهة نحو تحقيق الأمن المائي المستدام كمتطلب أساسي للصحة والازدهار والنمو.


وتعد قضية خفض الفاقد، أهم محاور تلك الخطة، في وقت أشارت فيه توقعات تقديرات البنك الدولي الى أن دول المنطقة "معرضة لخطر مواجهة أكبر خسارة اقتصادية لنقص المياه الناجم عن تغير المناخ، والتي يمكن أن تمثل بين 6 إلى 14 % بحلول العام 2050 من الناتج المحلي الإجمالي". 


وبهذا الخصوص، تعد موارد المياه في المملكة من الأضعف عالميا، بينما بلغت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، حسب تقديرات العام 2021، نحو 0.5 % وبقيمة 200 مليون دينار. 


وكانت تقارير سابقة جددت تأكيدها أهمية الأخذ بجدية؛ اعتماد عدادات ذكية فائقة الدقة في المنازل، توازيا ووجود استثمار جاد في هذا المجال لوضع تدابير رقابة أكبر في أيدي المستهلكين؛ منبها مما وصفه بتدهور البيئة لتغير المناخ المتسارع والذي سيكون بالتالي عائقا خطرا أمام تنمية المدن، بحيث تلعب الصناعة دورا كبيرا في استهلاك الموارد مثل المياه.


وتسعى استراتيجية الحد من الفاقد المائي لتخفيض نسبة الفاقد لأقل من 25 % على الصعيد الوطني بحلول العام 2040، بالتعاون مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وتوفير هذه الكميات للاستخدامات المختلفة.


ووفق البيانات الإحصائية ذات العلاقة بقطاع المياه، تبلغ نسبة الفاقد من كميات المياه في الأردن 47 %، ما يتطلب اتخاذ تدابير صارمة لمعالجة ذلك، وإدارة أفضل للطلب.

 

اقرأ المزيد : 

جهاز جديد في تشيلي للبحث عن كواكب مشابهة للأرض