مادبا: هل يضع قانون الإدارة المحلية الديمقراطية في سلة البيروقراطية؟

أحمد الشوابكة

مادبا- أثار إقرار مجلس الأمة، قانون الإدارة المحلية لسنة 2021، بخاصة ما يتعلق باللامركزية (مجلس المحافظة)، الكثير من التساؤلات حول مدى تحقيقه للديمقراطية في المحافظات وإمكانياته لإخراجها من أزماتها، وتدني خدماتها والاستفادة من مواردها.اضافة اعلان
وقال ناشطون في العمل السياسي والبرلماني، بمحافظة مادبا، إن هذا القانون "سلب لإرادة الحياة الديمقراطية في البلاد، وإعادتها إلى مربع النظام البيروقراطي من جديد".
وأكدوا أن إشراك الأدوات التنفيذية المنتخبة، بخاصة رؤساء البلديات الذين عينوا في المجلس، ستهيمن على القرارات المركزية التي من شأنها إزالة العراقيل لإتمام مشاريع واحتياجات المحافظة.
وتساءلوا عن استعجال الحكومة بإرسال القانون إلى البرلمان، دون الاستئناس بتوصيات لجنة الإدارة المحلية واللامركزية، المنبثقة عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، معتبرين أنه سيعصف بحالة الديمقراطية، ويكرس مفهوم البيروقراطية، ويلغي تطبيق اللامركزية، أو يقلل من شأنها في إشراك المواطن بصنع القرار، وتلبية احتياجات التنمية المستدامة، وفق دليل الاحتياجات الذي وضع لتحسس حاجات المحافظة، من مشاريع وتنفيذها حسب الأولية.
رئيس بلدية مادبا الكبرى السابق المحامي مصطفى المعايعة، قال إن اللامركزية تهدف الى توسيع قاعدة المشاركة الشعبية، واتخاذ القرارات التنموية والخدمية، وضمان عدالة توزيع مكاسب التنمية بين المحافظات، كذلك تقليل هيمنة المركز على هذه القرارات، كحلقة من حلقات الإصلاح الإداري والاقتصادي والاجتماعي.
وأكد المعايعة ضرورة تعزير الدور الإيجابي لـ"اللامركزية" في قانون الإدارة المحلية، وتفعيله، ليلبي الطموحات والآمال، ويُعزز دور مجالس المحافظات، وألا يجعلها إحدى دوائر وزارة الإدارة المحلية، وهذا يعني أن وجود رؤساء البلديات في المجالس المحلية، سيعرقل مهام تنفيذها للقرارات، إلا البلدية، فهي جهة منفذة للمشاريع الخدمية والتنموية، وبالتالي أضحى المجلس المحلي شكلياً أكثر منه تفاعليا.
وأكد رئيس مجلس محافظة مادبا الدكتور يوسف سالم الغليلات، أن القانون الجديد لمجالس المحافظات "مرفوض جملة تفصيلاً، لما فيه إنقاص لحق النهج الديمقراطي".
وأشار إلى أنه "في حالة تطبيق هذا القانون، فلن يلبي الطموح في تحقيق التنمية المستدامة لأجل المحافظة، بخاصة في المناطق النائية التي لا تأخذ حقها، وتصبح ضائعة بسبب هيمنة العضو المعين على العضو المنتخب".
وأكد أن القانون الحالي "لا يغني ولا يسمن من جوع، لتفعيل الحالة الديمقراطية وتعميقها بالشكل الذي ينسجم مع توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني في التشاركية المجتمعية بصنع القرار".
وبين أن المواطن هو الأقرب للمس باحتياجاته، والأقدر على أن يضع احتياجاته بحسب الأولويات في إطار ديمقراطي ممنهج، وبالتالي إذا ما مضى القانون الجديد، فإنه سيسبب حالة ديمقراطية هشة، لأنه لا يعزر الدور الإيجابي لـ"اللامركزية".
وأشار إلى ضرورة تخفيف عدد الأعضاء وإلغاء التعيين، وتعديل بند موازنات المجالس، وإعادة تدويرها للعام المقبل، وتفعيل المادة 20 من قانون الموازنة العامة للوحدات الحكومية، والتي تنص على تدوير المخصصات التي جرى الالتزام بها، ولم ترصد في موازنة السنة المالية التالية.
وأكد انه من حق المواطنين انتخاب ممثليهم بنزاهة، بعيدا عن التعيين الذي اختطف مخرجات الانتخاب، بوصفها بوابة واسعة للديمقراطية.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة مادبا حسن قبيلات، إن "التعيين في الهيئات الانتخابية، تعبير عن قصور في الديمقراطية، كما أنه امتداد لعقلية الوصاية التي مارستها الحكومات المتعاقبة على عقول المواطنين".
وأكد ألا خيار أمام صانع القرار اليوم، سوى بتمكين الناس ديمقراطيا، إذا كانت نيته الإصلاح السياسي والاقتصادي.
غير أن عضو مجلس محافظة مادبا سائد سند حدادين، رأي أن قانون مجالس المحافظات يحمل ايجابية، تتمثل بتعيين رؤساء البلديات في عضوية مجالس المحافظة (اللامركزية)، لقدرة ودور البلدية في استخدام مواردها واستملاكها للآليات والأصول، ما يسرع في الانجاز، ويحد من ازدواجية المشاريع.
ويرى انه من الضروري أن يكون هناك توجه لتعيين أصحاب الكفاءة والخبرة النقابية بحسب الميزة التنافسية لكل محافظة، معبراً عن أسفه من أن هناك أمورا لم يعالجها القانون الجديد، أبرزها تحديد وتنظيم العمل المؤسسي بين وحدات التنمية المحلية في المحافظة، ومواءمة عملها مع وحدات التنمية في البلديات، حتى لا نقع في تداخلات الصلاحيات والواجبات والمسؤوليات، وبالتالي فإن هذا تعزيز للبيروقراطية وتباطؤ في الانجاز.
وأشار إلى عدم تفصيل القانون كطريقة إعداد دليل الاحتياجات الذي يمثل اللبنة الأولى في الحوكمة.
من جانبه، أشار عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الديمقراطي الاردني (حشد) المهندس مروان حجازي، الى أن القانون الجديد للإدارة المحلية، بخاصة قانون انتخاب اللامركزية، يعيد العمل بالنظام المركزي البيروقراطي من حيث بدأ، وبالتالي لن يكون عملا ديمقراطيا، يعتمد على أساس إشراك المواطن في صنع القرار.
ولفت إلى أن اللامركزية منظومة إدارية متكاملة، تبدأ في نقطة اصلاحية ما للادارة، ولا تنتهي عند نقطة أخرى، فهي عملية مستمرة، تبدأ من العناوين الكبرى وتستمر حتى تلامس أدق التفاصيل في جسم الدولة الاقتصادي والاجتماعي والتشريعي.
وأكد إن اللامركزية عملية تحديد المشاريع وأهميتها وأولوياتها وبالتالي تنفيذها والرقابة الفعلية المستمرة على سلامة الأداء والانجاز، في إطار الموازنة المعتمدة للمحافظة جميعها، هي صلاحيات المجالس التنفيذية ومجالس المحافظات.