تحديث سياسة إدارة كورونا

مكرم أحمد الطراونة في ضوء تركيزنا على كورونا، وتزايد وتيرة التصريحات التي ينبري لها مسؤولون عن الملف، ممن يسارعون للشرح والتوضيح والتفسير، والحرص على ذكر أعداد الإصابات والوفيات، والإصرار على التنبؤ بعدد الموجات التي ستضربنا، في ضوء كل ذلك نغفل في الأردن عن تداعيات هذه السياسة في إدارة الأزمة، على مختلف القطاعات! تصر الحكومة على الخروج بشكل يومي بإحصائية توضح الوضع الوبائي في المملكة. جهد تشكر عليه من منطلق الشفافية وضرورة أن يقف الناس على الوضع القائم، لكن أعتقد أن الأمر زاد عن حده، وبات يؤثر بشكل مباشر على تصنيف الأردن خارجيا، فيما يخص الجانب الوبائي. ربما حان وقت أن تتوقف الحكومة عن ذلك، وأن تعيد ترتيب أوراق التعامل معه، مع الأخذ بعين الاعتبار استمرارها في حملة التطعيم، والإصرار عليها عبر إجراءات أكثر تشددا بحق الرافضين لتلقي المطعوم، ومحاصرتهم بشتى الوسائل والسبل، مع مراقبة التزام الناس والمؤسسات بإجراءات السلامة العامة. على الحكومة أن تأخذ الأمر على محمل الجد، فقطاعات اقتصادية عديدة تتضرر جراء التمسك بنهج الإسراع بإعلان أعداد الاصابات والوفيات، ليظهر الأردن دون غيره من دول الجوار وكأنه بؤرة لانتشار الفيروس. لنأخذ القطاع السياحي مثلا، ونحن نقترب من موسمه. يمكن للسائح اليوم أن يفضل زيارة مصر أو دبي على التوجه للأردن، تحت قاعدة أن المملكة تحولت إلى بؤرة لتفشي كورونا، رغم أن هناك دولا تسجل فيها أعداد إصابات تفوق ما لدينا، لكن الفرق يكمن في سياسة إدارتها للأزمة الصحية، حيث أدركت أن الوباء بات واقعا لا بد من التعايش معه، وألغت من قاموسها بيانات تظهر حجم الاصابات والوفيات المسجلة لديها. لا يمكن المغامرة بالموسم السياحي، ونحن سجلنا العام 2021 ارتفاعا نسبته 90 % على العام 2020، حيث بلغ الدخل السياحي للعام الماضي، 1.9 مليار دينار. ولسنا بحاجة إلى شرح أهمية السياحة بالنسبة للاقتصاد الأردني. وتتعدى خطورة هذه الطريقة في إدارة ملف كورونا، موضوع السياحة لتصل إلى جوانب اقتصادية أخرى، كالاستثمار الذي تسعى الدولة بكل ما أوتيت من قوة لأن تعيده إلى سكته، حيث يدفع الإشهار بأعداد الاصابات المتزايدة بشكل كبير جراء المتحور أوميكرون، إلى تأخير عودة الحياة لهذا القطاع، ناهيك عن تأثر السياحة العلاجية التي طالما كانت عنوانا لرفد الاقتصاد الأردني بدخول مالية كبيرة. وفيما على المواطن أن يكون جزءا من خط الدفاع الأول في مواجهة كورونا، من خلال التزامه بإجراءات السلامة العامة، على عشرات الأطباء ممن يتبارون في بث آرائهم على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص الوضع الوبائي، ويتنبأون بأن المملكة ستشهد مزيدا من الموجات الوبائية، أن يدركوا أيضا أن عليهم التوقف عن فرض مزيدا من العضلات بشأن كورونا، والتوقف أيضا عن الاجتهادات التي تربك الناس والحياة العامة. بالمحصلة، بحسب ما أكد رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة خلال لقاء جمعه مع الإعلاميين أن الحكومة تدرس إيقاف بث التقرير اليومي بخصوص أعداد الإصابات، ننتظر منه أن يذهب بهذا الاتجاه بأسرع وقت، لوقف المزيد من الخسائر التي تأتي في غير وقتها. وقد يكون المطلوب الآن، تحديث كامل لسياسات إدارة ملف كورونا برمته، يأخذ بالاعتبار التجربة المريرة التي مررنا بها طوال الفترة الماضية، وما تراكم، أردنيا وعالميا، في هذا الإطار.

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا 

اضافة اعلان