هذا ما نريده في تعديلات قانون حق الحصول على المعلومات

أحسنت حكومة الدكتور عمر الرزاز في سحب مشروع القانون المعدل لضمان حق الحصول على المعلومات الموجود في أدراج مجلس النواب منذ عام 2012، ونتمنى أن تمتلك الحكومة الشجاعة والرؤية الصحيحة لسحب مشروع القانون المعدل للجرائم الإلكترونية، لأنه أكثر تهديداً لحرية التعبير والإعلام، وأكثر تأزيماً وكلفة سياسية على الحكومة.اضافة اعلان
قرار الحكومة بسحب مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات وبهذا الوقت بالذات، خطوة إيجابية وفي الطريق الصحيح، بعد أن أدركت أن الحديث عن إنفاذ حق الحصول على المعلومات أمر صعب، في ظل قانون لا يساعد بشكل حقيقي على سمو الحق في المعرفة على التوسع في فرض السرية.
سحب مشروع القانون اختبار لجدية الحكومة في إقرار قانون عصري يتواءم مع المعايير الدولية لحق الحصول على المعلومات، وللعلم على الرغم من أن الأردن كان سباقاً عربياً في إقرار حق الحصول على المعلومات، فإن المؤكد أن القانون بصورته الحالية يعتبر من أسوأ القوانين في المؤشرات الدولية.
التعديلات التي قدمت على مشروع القانون عام 2012 كانت جيدة، ولا نعارضها سواء في اختصار مدة إجابة طلب المعلومات، أو في ضمان هذا الحق لكل الناس وليس للأردنيين، أو في توسيع عضوية مجلس المعلومات لضم ممثلين للنقابات، لكن ما قلناه منذ 5 سنوات وبقينا نعيده حتى تسمعه الحكومات المتعاقبة أن جوهر الإشكاليات في مواد القانون ظلت دون أن يطرح تصور لتعديلها وتغييرها.
الحكومة بعد أن أطلقت منصة "حقك تعرف" للرد على الإشاعات وتفنيدها، لم يعد ممكناً تجاهلها للأصوات المنادية بتوفير المعلومات للجمهور أولاً، واستمعت لأصوات صادقة نصحتها بالمبادرة لسحب مشروع القانون "النائم" في مجلس النواب منذ سنوات، وهذه فرصة لنذكرها بالمواد القانونية التي يجب أن تتعامل معها بجدية، وتعدلها إن أرادت قانوناً يسعف المجتمع في الوصول للمعلومات.
أول وأهم قضية النص بشكل صريح على أن قانون حق الحصول على المعلومات يسمو ويعلو على حزمة التشريعات الأخرى التي تفرض نطاقاً من السرية، فهو القانون الخاص الواجب التطبيق، وبالتأكيد ليس قانون حماية أسرار ووثائق الدولة الذي تقادم منذ أول السبعينيات، وأصبح من الضروري مراجعته بشكل جذري.
الأمر الثاني الذي لا يقل أهمية هو تقليص الاستثناءات الواردة في القانون لتتماشى مع المعايير الدولية، فالتوسع في الاستثناءات يشل أثر القانون، ويجعله غير مؤثر، ولا يضمن تدفقاً حراً للمعلومات.
في العالم الاستثناءات واضحة، فعلى سبيل المثال لا الحصر لا يجوز أن تُقدَم المعلومات الشخصية عن الناس، أو معلومات عن سجلاتهم الطبية أو المصرفية، أو المعلومات التي تشكل تهديداً حقيقياً لأمن البلد.
في القانون الحالي نص غريب لا مثيل له بقوانين العالم يشترط المصلحة المشروعة لطالب المعلومات، وقد استخدمت هذه المادة منذ 10سنوات لرفض العديد من الطلبات من المواطنين بحجة أنهم ليسوا من أصحاب المصلحة، وهذه المادة على وجه التحديد "اختراع" أردني للعصف بحق الناس في المعرفة والرقابة المجتمعية والمساءلة.
أكثر الإشكاليات التي تواجه العاملين في هذا الميدان هو تصنيف المعلومات باعتبارها ركيزة أساسية لتحديد المعلومات المصنفة والمحمية، ويترتب عليها قبول أو رفض تقديم المعلومات لطالبها.
ولذلك فإن من الضروري وضع معايير للتصنيف ترتبط بالممارسات الفضلى المعمول بها دولياً، وضمان حق الطعن بقرارات تصنيف المعلومات.
مجلس المعلومات مهم، والأكثر أهمية إعطاؤه صلاحيات ملزمة في القانون، فواقع الحال بالقانون الساري أن قراراته ليست ملزمة، ولا تعبأ المؤسسات العامة به، والمطلوب استقلاليته فلا يظل "مجلساً حكومياً" لا يتمتع بصلاحيات، وإنما مؤسسة وطنية تعبر عن مصالح المجتمع وأطيافه.
في الوضع الحالي لا يوجد نظام متطور لإدارة المعلومات، والمعروف أن المعلومات ثروة وطنية مهمة جداً، والحكومة والموظف العمومي مؤتمن عليها ولا يملكها، والحقيقة أننا لا نعرف كيف تُحفظ المعلومات سواء المكتوبة أو الشفهية، وكيف نمنع إتلافها أو سوء استخدامها، ولذلك لا بد من عقوبات في القانون على من يتلف المعلومات متعمداً، أو يرفض الإفصاح عنها بشكل متعمد وقصدي.
تحسين جودة قانون حق الحصول على المعلومات سيؤثر بشكل فعال على تحسين جودة إنفاذ حق الحصول على المعلومات، وهذا يتفق مع الخطة التنفيذية للحكومة لمبادرة الحكومات المفتوحة
(OGP)، ويحسن صورة الأردن في مؤشر الشفافية، ويؤكد التزامها بتعهداتها الحقوقية.