ماذا لو كان أطفال غزة أوروبيين بشعر أشقر وعيون زرقاء؟

أطفال في خان يونس، غزة، 19 أغسطس 2022 [الأناضول]
أطفال في خان يونس، غزة، 19 أغسطس 2022 [الأناضول]

لا يستطيع آلاف الأطفال في غزة أن يطمسوا من ذاكرتهم لحظات مفزعة فقدوا فيها أحد أفراد عائلتهم، أو خيّم الظلام عليهم وهم محاصرون تحت الأنقاض يداهمهم الموت من كل اتجاه.

 

وليس بإمكانهم أيضاً أن يمحوا تلك اللحظات التي سقط فيها صاروخ على أماكن متاخمة لهم؛ فدويّ الانفجار حاضر  يتردد صداه ولا يخفت مع مرور الوقت.

 

إدانات لا تسمن ولا تغني من جوع

3 مليون غزي محاصر في رقعة لا تتجاوز الـ365 كيلومتر مربع، ونصف المجتمع الفلسطيني من الأطفال، (47,5%) منهم يعيشون في قطاع غزة المحتل*.اضافة اعلان

لا يُقابل نزيف هؤلاء العائلات وأطفالهم سوى بإدانات دولية شفهية يسهل قولها، وما تلك الكلمات إلا رديفاً للصمت، لا مدى لها تموت بمجرد نطقها.

 

لا يمكن لأحد أن ينكر ما يعاني منه الأوكرانيون حالياً، فالشهر الأول من الحرب كان قاسياً على الأطفال على وجه الخصوص، حيث جرى تهجير 4.3 ملايين طفل، أي أكثر من نصف أطفال الدولة، وفقاً لإحصاءات اليونيسيف.

 

في المقابل، كانت هناك اعتداءات ومذابح متكررة على مدى الـ74 عاماً بحق الشعب الفلسطيني، حيث ارتقى 100 ألف شهيد منذ بدء النكبة، فيما بلغ عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى 11 ألف شهيد.

 

وكشف مركز حقوقي فلسطيني الشهر الماضي، حصيلة الشهداء الذين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي في غزة خلال عدوانه المتواصل على مدار 15 عاما.

 

وقال مركز الميزان لحقوق الإنسان، في تقرير له بعنوان "غزة مكان غير صالح للحياة"، إن الاحتلال قتل 5418 فلسطينيا بغزة، من بين الشهداء 23 % من الأطفال، و9% من السيدات.

 

 

العدوان على غزة.. تبرئة إسرائيل من جرائمها

أعلنت أوكرانيا، أمس الأحد، تضامنها مع الاحتلال الإسرائيلي وذلك تزامنا مع عدوانه على قطاع غزة.

 

وحسب موقع "124"، قال السفير الأوكراني لدى تل أبيب يفغيني كورنيتشوك، إن بلاده تقف إلى الجانب الإسرئيلي في هذه المعركة. وأضاف: “أشعر بتعاطف كبير مع الشعب الإسرائيلي”. وأتم قائلا: “نصلي من أجل السلام على أمل أن ينتهي التصعيد قريبا”.

من جانبه قال مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند، إنه يشعر "بقلق عميق"، محذرا من أن التصعيد "خطير جدا".

 

ودعا المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي الجانبين إلى الهدوء، مشدداً على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

 

وقال: نحن بالتأكيد نحض جميع الأطراف على تجنب مزيد من التصعيد". مضيفًا: "نؤيد بالكامل حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد المجموعات الإرهابية التي تحصد أرواح مدنيين أبرياء في إسرائيل".

 

بينما قال المتحدث باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن التكتل يتابع أعمال العنف في قطاع غزة "بقلق بالغ" ويدعو جميع الأطراف إلى "أقصى درجات ضبط النفس" من أجل تجنب تصعيد جديد.

 

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية إن بلادها "تدين إطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية وتكرر تمسكها غير المشروط بأمن إسرائيل".

 

وأعلنت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس السبت أنها تدعم حقّ إسرائيل في "الدفاع عن نفسها"، مضيفة: "ندين المجموعات الإرهابية التي تطلق النار على مدنيين والعنف الذي أسفر عن ضحايا من الجانبين" داعيةً إلى "نهاية سريعة للعنف".

 

تناقض في أوجه تقديم يد العون

من ناحية أخرى، سارعت غالبية الدول الغربية، وكذلك العربية، في إظهار دعم صريح للشعب الأوكراني وحكومته، وفرض عقوبات خانقة على روسيا، متناسية تماماً حجم التناقض في أوجه تقديم العون.

 

فقد عدّ الرئيس الأميركي جو بايدن الهجوم الروسي على أوكرانيا "فظيعاً ومروعاً"، في حين قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس "إن استهداف المدنيين جريمة حرب سُتحاسب روسيا والرئيس فلاديمير بوتين عليها.

 

بدوره، دان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحرب على أوكرانيا، وأكد استمرار دعم بلاده لأوكرانيا إنسانيا وعسكريا وماليا.

 

حزمة من المساعدات عسكرية

ارتفع اجمالي المساعدات العسكرية التي قدمتها واشنطن إلى أوكرانيا في أربعة شهور إلى 6.1 مليارات دولار.

 

وأوضح منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية، جون كيربي، أن الحزمة الأخيرة تضم "أسلحة ومعدات، بينها أنظمة صواريخ مدفعية متنقلة (هيمارس)، وآلاف الذخائر وقوارب مخصصة للدوريات البحرية".

 

 

صورة عنصرية مروعة

من الصعب تجاهل الصورة العنصرية المروعة التي رسمها العالم للمجتمع الغربي؛ لأن صرخات الشجب هذه لا تسلط الضوء إلا على الصمت الذي استمر لفترة طويلة عندما يتعلق الأمر بصراعات في أجزاء أخرى من العالم.

 

تتضح ظاهرة التعاطف من خلال القرب الجغرافي بشكل جيد من خلال المداخلة العنصرية المروعة لمراسل شبكة سي بي إس في كييف، تشارلي داغاتا، حيث قال: أوكرانيا ليست مكاناً للصراع «مثل العراق أو أفغانستان»، إن سكانها «متحضرون» مثلنا.

 

فهل يجب أن نستنتج أن العراق وأفغانستان، على العكس من ذلك، رجعيتان؟

 

في موجة من التعاطف "المبالغ فيه"، أكدت وسائل الإعلام الغربية مرارًا وتكرارًا ضمنيًا أن الأوكرانيين يستحقون الدعم بسبب "غربيتهم".

 

قارن فيليب كوربيه، الصحفي في قناة BFMTV، القناة الإخبارية الأكثر شعبية في فرنسا، الأوكرانيين باللاجئين السوريين: «نحن لا نتحدّث هنا عن فرار سوريين من قصف النظام السوري المدعوم من بوتين، نحن نتحدث عن الأوروبيين الذين يغادرون في سيارات تبدو مثل سياراتنا لإنقاذ حياتهم».

 

 

اللاجئون المثاليون

من الصعب تجاهل الدوافع العنصرية لمثل هذا التعاطف المشروط، مع ظهور مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، يعرض الأفارقة الذين يحاولون الفرار من أوكرانيا للتمييز العنصري من قبل العديد من ضباط الشرطة، الذين حاولوا منعهم من الوصول إلى قطار يسمح لهم بمغادرة البلاد، فالأفارقة ليسوا أوكرانيين، وليسوا بيضا أيضاً.

 

دون التشكيك في خطورة الأزمة التي تضرب العالم أجمع، إلا أن هذه فرصة نموذجية لإعادة التركيز على الإنسانية المشتركة، بدلاً من بناء التعاطف على الخصائص العرقية أو اللغوية أو الدينية أو العرقية أو الجغرافية.

 

اقرأ أيضاً: