هل يتحول شغف تحسين المظهر لمبالغة؟.. دراسة توضح

ديمة محبوبة استوقفت الشابة علا محمود دراسة حديثة أجراها فريق دولي يضم باحثين بالصحة والسلامة والبيئة، وهي تعد من أكبر الدراسات عبر الثقافات على الإطلاق لسلوكيات تحسين المظهر؛ حيث وجدت أن كثيرا من الناس في جميع أنحاء العالم يقضون ما متوسطه أربع ساعات يوميا (سدس عمرهم) في تحسين مظهرهم وجمالهم. وتبين أن الباحثين وجدوا في الدراسة التي نشرت في مجلة “التطور والسلوك البشري”، أن العناية بالمظهر لا تتوقف على السيدات فقط، وليس لها أيضا علاقة بالعمر، حيث يقلق كبار السن بشأن المظهر، كما يفعل الشباب. وتؤكد علا أنها من خلال مراقبة السوشال ميديا، وتحديدا تطبيق “انستغرام”، يظهر صدق هذه الدراسة الصادمة التي تبين أن الكثير من عمر الأفراد اليوم يذهب فقط لتحسين المظهر. وتقول “اليوم نجد أن الشباب يتباهون بقصات شعرهم، حتى أنهم يصورون قصصهم اليومية على “انستغرام” ويتبارون بإبر النضارة والفيلر والبوتكس، عدا عن الصالات الرياضية، والاهتمام بالجسم”. وتضيف “اليوم مع السوشال ميديا، تغيرت النظرة وأصبحت أكثر قبولا، وموازاة مع اهتمام الفتيات بجمالهن ومظهرهن، أصبح فيه نوع من المجاراة وأحيانا يكون تقليدا لما يشاهدونه”. وتشاركها الرأي الطالبة الجامعية سلام كامل، التي ترى أن العديد من زميلاتها في الجامعة، يقضين وقتا طويلا لتزيين أنفسهن قبل المجيء للجامعة، إلا أنهن وفي كل وقت مستقطع بين المحاضرات، يسارعن لتعديل مكياجهن، والأمر لا يحدث مثلا في آخر الدوام الجامعي، بل في الاستراحات أو الوقت القصير بين مواعيد المحاضرات. هي ترى أن السوشال ميديا جعلت الفتيات والشباب يقلدون ما يرونه، خصوصا من يتابع المشاهير، وتأثرهم الواضح بأشكالهم وطريقة ارتداء الملابس، ما يجعل الاهتمام مضاعفا بل أولوية لديهم. وأكدت دراسة، جمع الباحثين معلومات من 93 ألف شخص في 93 دولة حول مقدار الوقت الذي يقضونه كل يوم لتحسين مظهرهم الجسدي، بما يجعل هذه الدراسة الأكبر في علم النفس التطوري، كما يقول ديميتري دوبروف، الباحث المشارك بالدراسة، في تقرير نشر مؤخرا في الموقع الإلكتروني لكلية الاقتصاد الوطنية بجامعة الأبحاث الوطنية بالعاصمة الروسية موسكو. وكانت عينة الدراسة تضم فئات مختلفة من حيث العمر والتعليم ومستوى الدخل، بما في ذلك الكثير من المشاركين من البلدان غير الصناعية. ويوضح “وجدنا أن كلاً من الرجال والنساء يقضون ما معدله أربع ساعات في اليوم لتعزيز جاذبيتهم الجسدية، وتشمل سلوكيات تعزيز الجاذبية، إضافة إلى وضع المكياج وتزيين الشعر وتصفيفه، واختيار الملابس، والعناية بنظافة الجسم، وممارسة أو اتباع نظام غذائي محدد لغرض تحسين المظهر”. ويضيف “كانت المفاجأة أن كبار السن يقضون الوقت نفسه الذي يقضيه الشباب في تعزيز جاذبيتهم، ويميل الأشخاص في العلاقات الرومانسية المبكرة إلى قضاء المزيد من الوقت في تحسين مظهرهم مقارنة بالمتزوجين أو الذين كانوا يتواعدون لفترة من الوقت”. ويقول دوبروف “إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هو أقوى مؤشر على السلوكيات المعززة للجاذبية، فمستخدموها الناشطون الذين يسعون جاهدين لمعايير جمال غير واقعية ويصبحون قلقين عندما تحصل صورهم على عدد أقل من الإعجابات، يستثمرون وقتاً أطول في تحسين مظهرهم أكثر من أولئك الذين يقضون وقتاً أقل أو لا يقضون وقتاً على الشبكات الاجتماعية”. ومن جهته، يؤكد اختصاصي علم الاجتماع د. حسين خزاعي، أن السلوك البشري بتطور وتغير دائم وبشكل سريع، وما يساعد على ذلك تسارع الحياة مع وسائل التواصل الاجتماعي، وجعل كل شيء على مرآى الجميع، ومن زخم الصور والفيديوهات القصيرة وانتشارها لكن كثرتها تجعل العين تعتادها، والنفس تتقبل الموجود أو على الأقل لا يكون مستهجنا من الجميع، وتبدأ النظرة تتغير له. ويبين أن اهتمام الفرد بنفسه مهم للغاية، لكن اليوم من الممكن أن نجد العناية بالشكل كعناية الفتيات والشباب بالبشرة وتصفيف الشعر والخضوع لعمليات تجميل، كزراعة الشعر وحقن إبر الفيلر والبوتكس ومجاراة ما يحدث على السوشال ميديا، آملين بتحسين مظهرهم أو جعله مقبولا لهم، فالسمين يغير من ذاته، والنحيف كذلك. ويعلق اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، بأن الاهتمام في حياة الفرد للأفضل هو شيء محبب ويجعل الفرد راضيا عن ذاته أكثر ومتقبلا لنفسه، لكن التخوف من تحول الأمر إلى الهوس، فهناك من لا يخرج من عيادات التجميل، ومن لا يتقبل نفسه بلا مستحضرات التجميل، مؤكدا أن تحسين المظهر شيء جميل وله أثر كبير على نفسية الفرد، لكن لا يتطور على رفض الذات بلا هذا التجميل. ويرى مطارنة أن كل شيء بطريقة متوازنة يعطيه حقه، أما المبالغة في الشيء هنا فهي توجد المضرة، والأمر المنتشر اليوم هو عدم رضا الناس عن ذاتهم، لكثرة ما يشاهدونه من عمليات تجميل وتغيير دائم بذاتهم وألوان شعرهم، وتغيير تفاصيل الوجه والاعتناء بالملابس واتباع صيحات الموضة، جميعها معطيات تشجع الفرد على التفكير الدائم بملاحقة ما يحدث على السوشال ميديا والتقليد والتغيير ليشبه المجتمع. ويعيد مطارنة التأكيد، أن التغيير والاعتناء بالذات أمر مهم للغاية، لكن باعتدال وبعيدا عن التقليد الأعمى. اقرأ أيضاً:  اضافة اعلان