الأسد ومجالس الأدب

أن يكون البرنامج الأسبوعي "مجالس الادب" هو البرنامج الثقافي الوحيد في التلفزيون الأردني، يلقي على النفس ظلالا من الحزن والخيبة لإخفاق التلفزيون الأردني في إنتاج برامج ثقافية متعددة، تمنح للمشاهدين والمشاهدات متعة الفكر والتجول في عوالم الفن الخلاقة.

اضافة اعلان

ومن جهة ثانية، يلقي على الدكتور خالد الجبر، معده ومقدمه، مسؤولية أكبر ليجعل من هذا الوحيد برنامجا متميزا يقدم رؤية تبصيرية وتنويرية كم نحتاج إليها!!

واذا كانت الإضافة النوعية التي قدمها البرنامج، أي الدكتور خالد، إلى جميع البرامج الثقافية العربية، هي استضافة العالم الجليل الدكتور ناصرالدين الاسد أسبوعيا، ليستهل الحديث ويجعله لاحِبا لمن دعي من اهل الاختصاص، وليعلق ويعقب ويدلي برأيه وعلمه ومعرفته، فإن هذه الاضافة النوعية لن تكتمل في رأيي، وقد خبرت الأستاذ الأسد على مدى نصف قرن إلا قليلا، إلا بأن يصمَم البرنامج على علم الأسد وخبرته في البحث العلمي والتحقيق والتعليم الجامعي وعمل مؤسسات البحث والمجامع، وكذلك في اللغة وعصور انبثاقها والشعر الجاهلي. ذلك ان تطواف البرنامج في موضوعات شتى تبتعد بهذا القدر أو ذاك عن اهتمام الأستاذ وخبرات حياته، بل وعن علمه أحيانا، يفقد المشاهدات والمشاهدين (وقد قدمت التأنيث لغاية في نفسي) فرصة الاقتراب من العلم الغزير الذي له، والرشاقة التلقائية التي يتصف به تناوله للفكرة، واستدلاله عليها.

فالأسد الذي غاص طوال حياته في المعرفة التراثية، وتجول باحثا في أبعد عصور العربية، ستفيد منه الأمة، وتستمتع في آن، إن اتيح لها أن تطلع - من فمه- على عيون الشعر العربي التي يحتفظ ببعضها في دفتر صغير مهترئ، أو على اخلاق العلماء قديما، أو على فتوحات علم اللغة وعلم النحو العربي، أو على أمهات الكتب، أو على منهجه المتميز في تحقيق الشعر القديم والكتب. وإذ تبدو هذه الموضوعات جافة وممعنة في التخصص، فإن للأسد أسلوبا شائعا في التبسيط والتيسير، لا يفضي إلا إلى الامتاع والفائدة.

كما لأرجو أن يبتعد الدكتور خالد عن طرح قضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل والحداثة، فهي موضوعات تستفز في الاسد البنية المحافظة التقليدية لفكره، وهي ليست مما نحب أن يكون غاية للبرنامج وعنوانا للأستاذ الأسد.