(تلولحي يا دالية)؟!

قبل ان يصبح الشيخ في بلدنا منقع (بيبسي) كان في سالف الزمان منقع (دم) ، وكان هو الملاذ الوحيد للدخالة وفك النشب بين الناس.
زمان لم يكن في ( تايكوندو) ولا (كونغ فو) ولامايحزنون، فإذا ما نشبت مشاجرة بين طرفين لا في ضربة قاضية، ولا في (بورجيك) بعد الحصة الأخيرة، ولا في شد شعر ولا (بكوس) ، كان الواحد منهم إيده و(الشبرية)! اضافة اعلان
لذلك كان لدينا قضاء عشائري صارم يحفظ كرامة الناس ويمنع الاعتداء عليهم، وعندما كانت تحدث حوادث من هذا النوع، سرعان ما تعلن عائلة المعتدي أنها ( بوجه فلان)، وهنا يقوم هذا الشيخ بإجراءات (العطوة) بين الطرفين،  فإذا ما وافق الطرف الآخرعليها، يمنع بعدها الاعتداء على أي أحد من أفراد  عائلة المتعدي، وإذا حدث أي خرق لهذا الاتفاق يعتبر ذلك (تقطيع وجه) للشيخ، وفي هذه الحالة يتم فرض عقوبات قاسية عليهم حتى لا يسمح بتكرار مثل هذا الأمر.
هذا بالنسبة لتقطيع الوجه في العرف العشائري، في العرف الحكومي يعتبر رئيس ديوان المحاسبة هو المسؤول الوحيد اللي بوجه (مجلس النواب) فلا يسمح بسؤاله أو نقله أو الاستغناء عن خدماته إلا بعد الرجوع إليهم!
ماحدث في نقل رئيس الديوان الى وظيفة أخرى والمجلس (غايب طوشة) هو مايشبه (تقطيع الوجه)، لا بل وأقبح، وعدم احترام للمؤسسات الدستورية وهيبتها. صحيح أن المجلس منذ بداية عهده (حاطّ) على (سبيس تون)، لكنّ ذلك لايمنع أبدا من احترام القوانين والمجالس وعرفنا الدستوري.
ونحن مقبلون على مرحلة سياسية جديدة، نريد منها عودة المشاركة الفاعلة في الانتخابات وانتخاب مجلس نواب قادر على تحمل المسؤولية الوطنية. نحن نتخذ قرارات هدفها تحطيم صورة المجلس وإظهاره كما لو كان مصابا (بشلل أطفال)، ومن ثم نتحدث لاحقا عن دور المجلس التشاركي وأنه علينا جميعا إعادة الثقة بدوره.
 حين يتم ( تقطيع الوجه) في العرف العشائري فإن من خرق الاتفاق يصبح ملزما بدفع عقوبات مادية باهظة، وكذلك تبييض وجه (الشيخ). وعادة مايكون ذلك بمئات الأمتار من القماش الأبيض.
(تقطيع وجه) المجلس كالعادة سيمر مرور الكرام وسيكون ثمن رد الاعتبار لهم كالعادة؛ إما ترفيع (قهوجي) إلى (مراسل) استجابة لوساطة أحد النواب، أو تسهيل مهمة سفر وفد نيابي إلى (موزمبيق) للمشاركة في دورة عن فوائد (الفستق الحلبي)، أو إعفاء طبي لإجراء عملية (زايدة) لنسيب أحد النواب.
ما نزال نحلم بجدية الدولة في مكافحة الفساد وتفعيل دور المؤسسات الرقابية. ولكن، حين نراها لا تستطيع الانتظار عدة أيام لعودة المجلس للانعقاد ومن ثم  التشاور معه بخصوص نقل رئيس أهم مؤسسة رقابية، بينما ما نزال ننتظر من سنوات أي أجراء بخصوص من (لهف) نصف مليار وقال : باااااي!
أصبحنا ندرك أن حياتنا السياسية بس شغل (تلولحي يا دالية) !!