نسرين الصبيحي: "عاصم" فيلم يمني يسافر بكم على جناح الحقيقة

Untitled-1
Untitled-1

ديمة محبوبة

عمان – بعد مشاهدة الفيلم اليمني "عاصم" للمخرجة الأردنية نسرين الصبيحي، لا يمكن أن يطرق على مسامع من شاهده هذا الاسم، ولا يعود إلى الفاجعة اليمينة التي ينقلها الفيلم الوثائقي، والذي يظهر حجم المرض والجوع والجهل في منطقة "أسلم" في اليمن.
عاصم طفل يبلغ من العمر حينها (12 عاما) كان من الأطفال القلائل الذين يجوبون مسافات طويلة للوصول إلى المدرسة في تلك المنطقة، بحسب الصبيحي، لكن نتيجة المرض المتراكم والجهل وتردي الامكانيات في المنطقة وصل فيه الحال أن يستيقظ يوما متعبا غير قادر على الحراك أو التجول، وأصابه الكثير من التشنجات وتصلب الأعصاب، ما يجعل حركة يده البسيطة جدا لا تحدث من دون مساعدة مؤلمة من والدته.
الفيلم تم عرضه أول من أمس في مؤتمر حضره المندوب عن سمو الأمير الحسن بن طلال، وبرعاية أمين عام الهيئة الخيرية الهاشمية أيمن رياض المفلح.
"عاصم" فيلم وثائقي، حصل على جائزة العلم والتّعلم في مهرجان غرب أوروبا الدولي للأفلام في بروكسل، الفيلم العربي الوحيد ضمن منافسة واسعة بين أكثر من 220 فيلما من أنحاء العالم، حيث يظهر الفيلم مأساة إنسانية في منطقة محدودة السكان، لكنها نموذجٌ لمساحات وأعداد سكانية أوسع في اليمن.
وتسعى الصبيحي من عرض الفيلم إلى لفت أنظار عدة جهات، أبرزها الدول المانحة والمنظمات الدولية والإعلام والجهات الرسمية إلى فداحة الكارثة الإنسانية التي تعصف باليمن دون تحيّز لطرف أو آخر، حيث وثّقت الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون، وتجاهُل المسؤولين أيا يكن من هم عن حق الإنسان في العيش.
ومن خلال العديد من المخاطر المحفوفة بالتعدي والتطاول استطاعت من خلال الترحال بمواد غذائية بسيطة وقلة في المياه بمساعدة أهالي اليمن الوصول بعناء وخوف إلى منطقتي "أسلم وتعدي" عددا من الحدود الداخلية، أو ما يسمى نقاط تفتيش كثيرا ما يشككون بها، وبوجودها، ولولا تدخل المساعد الذي قرر إيصالها لتلك المنطقة سالمة كانت لا يمكن أن تصلها.

مشهد من الفيلم- (من المصدر)
اضافة اعلان


وتقول، "كل ما تعرضت له من مضايقات وتعب وجوع اختفى بأول وصولي إلى منطقتي "صعدة وأسلم"، حتى أني خجلت كثيرا، فما التعب الذي عشته، وأنا في قمة الرفاهية مقارنة للحياة اليومية التي يعيشونها يوميا، والجوع والعطش الدائم، والأمراض التي تنخر أجسادهم لا علاج لها لقلة توفر الكودار والأجهزة وحتى الأدوات الطبية.
وبعد أن عرض الفيلم "عاصم" الوجبة الأساسية التي يقاتلون عليها بشكل يومي في الوقت الذي وثقت به الفيلم في "أسلم" فطورا، غذاء، وعشاء هي أوراق الشجر، والتي تأتي بشكل مهرب أيضا، فيتم سلقها أمام حشود أهل "أسلم" أو من تبقى منهم أحياء بأجساد نحيلة تشابه "الجلد على عظم"، فيدقون الورق ويضعون عليه الملح، ويتقاسمونها أهالي "أسلم" الموجودون، ومن تأخر سينتظر للوجبة المهربة القادمة.
أثار الفيلم ردود فعل واسعة عند عرضه في بروكسل في أوساط لجنة التحكيم، وصنّاع الأفلام من أمريكا وكندا واستراليا واوروبا وشرق آسيا، وكثيرون ممن شاهد الفيلم.
بدورها، أعربت المخرجة نسرين الصبيحي عن أهمية عرض الفيلم في عمان قائلة، "يعرج الفيلم على قضية إنسانية غاية في الأهمية، وهي التطرف الديني والعنف وعدم تقبل الطرف الآخر والتي تعرضت لها المخرجة شخصيا".
وتضيف الصبيحي، "يظهر الفيلم أيضا صعوبة مهام المنظمات الإنسانية الدولية في إيصال المعونات لمستحقيها، بسبب عدة عوامل أشار لها الفيلم، فضلا عن الاستغلال والمتاعب والانتهاكات والمعاناة التي يتعرض لها المدنيون"، موضحا حجم الكارثة الإنسانية هناك.
ويذكر أن للصبيحي فيلما سابقا "وما جاء الفجر"، الذي حاز على جائزة العلم والتعلم في مهرجان مدريد للأفلام، بالإضافة إلى جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير في كل من مهرجاني شمال أوروبا الدولي للأفلام في لندن وجنوب أوروبا الدولي للأفلام في فلنسيا في إسبانيا.