“جدل الإعدام”.. بين إلغاء العقوبة والإبقاء عليها على طاولة “ندوة لايف”

عمّان- تزامنا مع اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، تناول برنامج “ندوة لايف” على منصة “الغد” على “فيسبوك”، الجدل الدائر بين معارضي العقوبة الذين يطالبون بإلغائها، والمؤيدين لاستمرار تطبيقها والإبقاء عليها.اضافة اعلان
وفيما اعتبر النائب السابق محمود الخرابشة أن الإبقاء على تنفيذ عقوبة الإعدام في الأردن “ضرورة من ضرورات المجتمع وحماية لأمنه واستقراره” فضلا عن تحقيقها لمفهوم العدالة الاجتماعية، أكد حقوقيون أن المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام في الأردن “لا يعني إفلات الجاني من العقاب”، معتبرين أن هناك عقوبات بديلة عن انتهاك الحق في الحياة (الاعدام) مثل عقوبة السجن مدى الحياة.
وفي حلقة خاصة من “ندوة لايف” جرى بثها مساء أول من أمس، على هامش اجتماع عقده مركز الشرق والغرب للتنمية المستدامة في فندق “الميلينيوم” بعمان، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، كان النقاش محتدما بين الطرفين.
الخرابشة: الإعدام.. تحقيق
للعدالة والردع
إلى ذلك، اعتبر الخرابشة أن الإبقاء على عقوبة الإعدام يأتي من باب “تحقيق العدالة والردع الحقيقي للبشر”، محذرا ايضا من أن “الجرائم ستزداد إذا تم إلغاء العقوبة”.
وقال إن عقوبة الاعدام “ليست عقوبة اعتباطية وليست سريعة، بل هي محاطة باعتبارات حساسة، ولا تنفذ الا بعد تصديق جلالة الملك عليها”.
وأضاف أن “العقوبة تنبع من الحاجة الاجتماعية، والاعراف والتقاليد، واذا لم تطبق ستكون هناك خلافات عشائرية، وتقتل العشرات من الأرواح، بدلا من روح واحدة بسبب الثأر”.
وقال “نحن مجتمع عشائري إذا تم إعدام الجاني فإن ذلك يشفي قلب كل عشيرته، وإذا لم يعدم فسيكون هناك انتقام منه من عائلة الضحية وربما انتقام لعائلته أيضا”.
واعتبر ان مطالبة حقوقيين أردنيين بـ”الغاء عقوبة الاعدام، (يأتي) خدمة لمصلحة جهات خارجية”.
وبين الخرابشة ان الجرائم التي يطبق عليها حكم الاعدام “لها اعتبارات سياسية واجتماعية ووطنية”، وأنها توصف بـ”جرائم الأشد ضررا على المجتمع مثل القتل القصد عن سبق الاصرار والترصد، ومثل التجسس والأعمال الإرهابية وقتل الأبرياء وزعزعة الامن الوطني”. وقال ان “الاردن من اكثر الدول التي التزمت بإلزامية حصر عقوبة الإعدام على بعض الجرائم بحسب ما جاء في العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية”.
واعتبر أنه إذا “ألغى الأردن تنفيذ عقوبة الإعدام فانه سيعتبرها قد كفرت”.
حشمة: الإعدام يعارض الحق
في الحياة
في المقابل أكد الرئيس التنفيذي لمركز الشرق والغرب للتنمية المستدامة محمود حشمة أن مناهضته لعقوبة الاعدام تنطلق من كون أنها “تمس حقا إنسانيا ساميا، وهو الحق في الحياة، وذلك لا يعني عدم معاقبة الجاني”.
وبين أن هناك عقوبات بديلة عن الاعدام و”لها قسوتها ايضا مثل عقوبة السجن مدى الحياة”، معتبرا ان “استبدال الاعدام بها يحقق حماية لانسانية الجاني التي هي مطلب حقوقي لا يجوز التخاذل به”.
وبين حشمة أن “هناك العديد من الدراسات التي اثبتت ان عقوبة الاعدام لا تردع المجتمعات عن ارتكاب الجريمة”، مشيرا الى أن “ثلثي دول العالم الغت العقوبة من بينها دول في اوروبا مع العلم انها في السابق كانت مثل مجتمعاتنا، وكان فيها عشائرية، وكانوا اصعب منا بكثير لكن عندما اصبحت هناك سيادة للقانون اختلفت الاوضاع واصبحت حقوق الانسان مصانة فيها”.
واعتبر حشمة ان “هناك تمييزا يمارس بحق المحكومين بالاعدام، حيث تجد محكوما بالإعدام مسجونا منذ عشرين عاما، وهو ينتظر يوم تنفيذ عقوبته، بالمقابل تنفذ العقوبة بحق محكوم قضى شهرين فقط في السجن”.
كما بين حشمة أن “دراسة حديثة أثبتت أن هناك ما نسبته 4-8% من الخطأ بحق من نفذ بحقهم عقوبة الاعدام”.
وقال “الحق في الحياة مقدس للجاني وللمجرم، والمجرم يجب ان يعاقب لكن دون المساس بحقه في الحياة”.
المشرقي: لسنا مع إفلات الجاني من العقاب.. ولكن!
بدوره، اعتبر الخبير الحقوقي كمال المشرقي انه “لا شك بأن كل العقوبات في التشريعات الوطنية بحاجة الى اعادة النظر فيها بما يتناسب مع حاجات المجتمع وتغيراته، مشيرا الى الاتفاقيات الدولية، ومنها العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية، تحدثت عن حصر عقوبة الاعدام في الجرائم الاشد خطورة.
وقال “نحن لسنا مع افلات المجرم من العقاب لكن يجب ان تتناسب وتراعي العقوبة مع انسانيته، مثال الهند كمجتمع فقير المحكمة العليا اشارت الى ضرورة العمل على وقف تنفيذ العقوبة لأن هناك حالات فقر شديدة يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار”.
وانتقد المشرقي “شيطنة المجتمع المدني والاتهامات بانهم يخدمون مصالح خارجية”. وقال “نحن خط الدفاع الأول عن الأردن منذ اكثر من 24 عاما نعمل من اجل البناء وتم تحقيق منجزات على الصعيد التشريعي بما يخدم حقوق الانسان الاردني”.
وتساءل “هل من المعقول ان يكون الثأر مترسخا ويتفوق على تطبيق سيادة القانون؟”.
وانتقد المشرقي أن “تبقى فكرة الثأر والانتقام مترسخة في ذهن الأردنيين”، داعيا الى “ترسيخ مفاهيم سيادة القانون باعتبارها الحامية لكافة حقوق الانسان دون تجزئة وانتقائية”.
ووصف طريق مناهضة عقوبة الاعدام والدعوة الى الغائها في الأردن بأنها “طويلة وشائكة لكنها ستبقى مستمرة”.