"برلمان 2020" بلا نائبة حزبية.. فما هو شكل الدور النسوي رقابيا وتشريعيا؟

مواطن يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب التاسع عشر  - (تصوير: امجد الطويل)
مواطن يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب التاسع عشر - (تصوير: امجد الطويل)
فرح عبدالله عمان - ستظل انتخابات مجلس النواب الـ19 مثيرة للعديد من التساؤلات، فعزوف أكثر من 70 % من الشعب عن التصويت، وفوز 100 وجه جديد تقريبا وغياب أسماء ورموز حزبية لم يكن من المتوقع خسارتها.. كلها تفاصيل ساهمت في رسم هذا المشهد، لكن أكثرها سؤالا “أين المرأة الحزبية؟”، الذي دفع العديد من المهتمين في البحث وراء كواليسه. ضعف مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية في ظل انخفاض نسبة مشاركة الشعب الأردني في انتخابات المجلس النيابي التاسع عشر، انخفض عدد النواب الحزبيين إلى 12 حزبيا ولم تحظ أي نائبة حزبية بمقعد داخل البرلمان، بحسب وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية. استطاعت أربعة أحزاب فقط من حجز مقاعدها داخل البرلمان، هي: جبهة العمل الإسلامي والوسط الإسلامي والجبهة الأردنية الموحدة والوفاء الأردني، علما بأن مجموع المترشحين الحزبيين كان 397 مترشحا للانتخابات بما نسبته 23 % من إجمالي المترشحين في الأردن والبالغ عددهم 1690 مترشحا ومترشحة. وازدادت عدد القوائم الحزبية بنسبة 30 %، في حين بلغت الزيادة بأعداد المترشحين الحزبيين 35 % مقارنة بالانتخابات النيابية 2016 وفق “السياسية والبرلمانية”. برر المحلل السياسي، الدكتور لبيب قمحاوي، أن عزوف الشارع الأردني سببه انخفاض ثقة المواطنين بالانتخابات النيابية التي واجهت العديد من التحديات قبل حدوثها فانتشار وباء فيروس كورونا المستجد وارتفاع أعداد الموتى والمصابين كان مخيفا. وأوضح أن قانون الانتخاب هو السبب الأعظم الذي أدى إلى تراجع دور الأحزاب السياسية في البرلمان الأردني، واصفا إياه بـ”تمزيقي (ممزق)”، فنظام القائمة الانتخابية واضطرار المواطنين إلى التصويت لقائمة واحدة هو عمليا يمثل الصوت الواحد، لكن بطريقة مختلفة، فالقوائم الانتخابية كانت مشكلة بطرق قاهرة لأن الحزب يكتفي بالوضع الطبيعي بترشيح شخص أو اثنين يمثلونه على مستوى المحافظة، لكن قانون الانتخاب قلب الموازين. وأضاف قمحاوي أن الأحزاب أصبحت ملزمة بالنزول بعدد محدد من القوائم وبعدد محدد من المترشحين، لذلك لم تنزل الأحزاب اليسارية سوى في دوائر لديها فيها قواعد جماهيرية، بعكس “العمل الإسلامي”، الذي استطاع النزول بعدد أكبر من الدوائر الانتخابية بسبب وجود قاعدة جماهيرية قوية ومنتظمة لهم فالقاعدة الدينية واسعة في الأردن. وترشح 48 مترشحا ومترشحة من الأحزاب اليسارية، وكان من ضمنهم 7 مترشحات في الانتخابات النيابية 2020، مقارنة مع 16 مترشحا ومترشحة، منهم 3 نساء بـ”انتخابات 2016”.. لكن النتائج كانت ضعيفة جدا، ففي العام 2016 حصلوا على مقعد واحد فقط أما في هذه الانتخابات لم يحصلوا على أي مقعد، بحسب وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية. فسرت مسؤولة الإطار النسوي لحزب الوحدة، تهاني الشخشير، هذا التراجع بسبب ضعف قانون الانتخاب لأنه يظلم المترشح الذي يحصل على أصوات عالية ولا يفوز، بسبب عدم حصول قائمته على عدد أصوات كاف. وأكدت أن ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية يطالبون بقانون القائمة المغلقة، الذي يمثل صوت الوطن، حيث يستطيع المواطن أينما كان موقعه التصويت للشخص المناسب أينما كان أيضا. وأضافت الشخشير أن هناك أسبابا كثيرة أبرزها: عزوف الشارع الأردني عن الحياة الحزبية “خوفا من الأحكام العرفية التي ما نزال نُعاني من تبعاتها”، ووجود المال الأسود حيث كان هو سيد الموقف في التصويت بهذه الانتخابات، علما بأن الأحزاب ترفض هذه الفكرة فالشخص الذي يبيع صوته يبيع نفسه. وحول سبب انخفاض عدد المترشحات في قوائم الائتلاف اليساري مقارنة بالذكور، قالت الشخشير إنه بشكل عام يوجد عزوف من المرأة عن العمل الحزبي، وعدد النساء المنخرطات بالعمل السياسي والحزبي تحديدا قليل، لأن مجتمعنا لا يراعي النسبة الحقيقية للمرأة وهذا ينعكس على نظرة المرأة للعمل ودورها، وهذا يدل على أننا ما نزال بحاجة للكثير من النضالات لتغيير نظرة المجتمع للمرأة. نماذج نسائية بارزة في الأحزاب.. الإسلامية لم تحصل على مقاعد لها أكدت النائبة السابقة، حياة المسيمي، أن قانون الانتخاب هذه المرة أثبت عدم توازنه، فقد عمل على تصعيد العشائرية، وهدم قوة الأحزاب السياسية، فكانت النتيجة صادمة ومخيبة للآمال من حيث العدد والنوعية، فلا يعقل أن يأتي 100 وجه جديد على مجلس النواب فجأة ويتغير مزاج الناخب الأردني 180 درجة فيفقد المجلس رؤوسا وشخصيات حزبية بارزة. واستهجنت حصر وجود المرأة بـ”كوتا” النسائية، حيث كانت توقعاتها تُشير إلى وجود عدد أكبر من النساء مقارنة ببرلمان 2016 في ظل زيادة عدد المترشحات وازدياد قوة الشخصيات المترشحة، لكن ما حدث هو انتكاسة فالسيدات اللواتي فزن اعتمدن على البعد العشائري وبالتالي العدد والنوعية أصبحت لا تبشران بأداء إيجابي. وكان “العمل الإسلامي” قد حصل على 5 مقاعد فقط في المجلس النيابي التاسع عشر، وحجز 10 مقاعد في قوائم التحالف الوطني للإصلاح والمتحالفين معه في محافظات عمان والزرقاء والكرك والعقبة. خطوة للخلف في مسيرة التقدم النسائي وقالت الشخشير إن غياب النائبة الحزبية “مؤسف وسيساهم في إضعاف صوت النائبات، لأن النائب الحزبي بشكل عام هو شخص يمتلك الثقافة والخبرة والمعرفة من خلال وجوده بالحزب، وبالتالي يمتلك الوعي والحالة النضالية، ويتعب كثيرا ويتثقف ويقرأ على النضال وتغيير الواقع وبالتالي تصبح قدراته أعلى من قدرة الشخص العادي وهذا ينعكس على أدائه وتغيير نمط تفكيره”. أما قمحاوي أكد أن النائب الحزبي يمثل سياسة يتبناها حزبه، وبالتالي يشكل قوة ضاغطة على الحكومة بالتعاون مع حزبه، أما النائب الوطني يعمل بشكل فردي وبالتالي يحتاج إلى دعم كبير ليحقق ما يريده داخل القبة البرلمانية. وأضاف أن تمكين المرأة جزء لا يتجزأ من تمكين الشعب. أي إذا تمكن الشعب سياسيا تتمكن المرأة تلقائيا، أما إذا كان المجتمع ذكوري لا يصوت للمرأة فهذه مشكلة اجتماعية يجب حلها، لكن من ناحية سياسية فالمشكلة عامة لأن الشعب لم يتمكن من ممارسة دوره القياسي والمرأة جزء من الشعب. في المحصلة، سيظل السؤال في مجلس النواب الـ19 أين المرأة الحزبية، بمعنى أن دورها وانعكاسه على الأداء العام للمجلس في الرقابة والتشريع بوجه عام، والأداء النسوي البرلماني بوجه خاص سيلقي بظلاله على المجلس وعلى المرأة النائبة، حتى نرى عكس ذلك.اضافة اعلان