دولة الرئيس.. إليك التالي!

مكرم أحمد الطراونة

الكثير من المقالات كتبت بشأن التعليم في الأردن في ظل جائحة كورونا، وشهدت هذه الزاوية بالتحديد العديد من الملاحظات التي قدمت للحكومة عن الإشكاليات الكبيرة التي يعيشها الطلبة وذووهم في التعليم عن بعد، مع ذكر خطورة ذلك من جميع النواحي، وهي إشكاليات تدركها الحكومة جيدا.اضافة اعلان
اليوم سأتجاوز بالحديث عن ذكر الخسارة الفادحة التي تتلقاها المملكة في ظل التراجع الحاد في مستوى التعليم والتحصيل المعرفي للطلبة، خصوصا من هم في المراحل الدراسية الأولى، لأن الحكومة تصم آذانها عن ذلك ولا تبدي أي تحرك، فيما يكتفي وزير التربية والتعليم بالقول إننا نجحنا في التعليم عن بعد، وهذا قول أبعد ما يكون عن الواقع!.
أريد أن أضع بين يدي رئيس الحكومة الدكتور بشر الخصاونة بعض الملاحظات التي يعاني منها الطلبة لعل وعسى أن ينظر إليها بشكل جدي، وأن تجد لها طريقا للحل، وهي ملاحظات لا يمكن تعميمها على جميع مدارسنا وجامعاتنا.
في ظل التحديات المالية التي تواجه الناس جراء الجائحة، وتضرر غالبية القطاعات، فإن الحكومة مطالبة بالبحث عن كل التفاصيل التي من شأنها مساعدة هؤلاء على الاستمرار في حياتهم بشكل شبه طبيعي، وبأقل الخسائر، وألا تتوقف في تفكيرها عند العموميات، والاستهانة بأبسط الأمور.
على الحكومة أن تراقب علاقة الطلبة بمدارسهم وجامعاتهم بصورة أكثر نضجا، وحرصا على الناس، فالعديد من الجامعات الخاصة تشهد احتجاجات طلابية خلال حصص التعليم عن بعد، إذ يعلن طلبة عن مقاطعتهم لهذه الحصص رفضا لاستمرار هذه الجامعات باقتطاع بدل مواصلات منهم، وإجبارهم على دفع بدل تأمينات وخدمات لا يستفيدون منها، إلى جانب أنها لا تريد منحهم أي خصومات مالية.
لا أحد يقتنع بالأسباب التي تسوقها بعض الجامعات تجاه اصرارها على اقتطاع أموال لا تستحقها، ولا أحد يقتنع أيضا بسكوت وزارة التعليم العالي وصمتها تجاه هذا الانتهاك الصارخ لجيوب الطلبة وذويهم!
مواقع التواصل الاجتماعي بدأت تشهد في الآونة الأخيرة تناقل بعض مقاطع الفيديو التي تظهر رفضا طلابيا للسياسة التعليمية المتبعة وضعف المحتوى المقدم، والطلبة هنا من جميع المؤسسات التعليمية، سواء جامعات أو مدارس، وبشقيها؛ الخاص والعام، وهذا مؤشر خطير من شأنه أن يزعزع العملية التعليمية المتهالكة أصلا.
كما بدأ أولياء أمور يتلقون من بعض المدارس الخاصة مع قرب انتهاء الفصل الدراسي الأول رسائل نصية تتحدث عن عملية مقايضة غير سوية، ولا تعكس سوى الجشع، مفادها أنها لن تمنح خصم 15 % الذي حددته الحكومة سابقا، إلا لمن يسدد أولا جميع المستحقات المالية عن الفصل الدراسي الأول.
الأمر اليوم مناط بالحكومة لتجهد في تدارك المأساة الحاصلة، وعليها أن تدرك أن إيجاد حل لهذه المشاكل يساعدها في أكثر من جانب، فمن شأنه أن يقلص الهوة بينها وبين الشارع الذي سيؤمن عندها بأنه أمام حكومة لا تفكر فقط بالقشور، بل تذهب إلى العمق لتحقيق الصالح العام، كما من شأنه توفير بعض الأموال على المواطن، ما سينعكس على القوة الشرائية وتنشيط الأسواق، وبالتالي على إيرادات الدولة، وأيضا سيجد أصحاب الجامعات والمدارس أنهم تحت ضغط رسمي يحول دون ابتزاز الطلبة مع ضمان تحسين جودة التعليم لهم.
أن يذهب الطلبة للاحتجاج بدلا من التعلم عبر الفضاء الإلكتروني رفضا للظلم الواقع عليهم وبحثا عن الحقوق، يحتاج إلى وقفة تأمل من جميع الأطراف المعنية، وأن نضمن لهؤلاء أجواء دراسية معقولة، إذ يكفينا الدمار الذي ألحقته بالتعليم منصة "درسك" الحكومية.